أعاد مشهد مبايعة المواطنين للأمير سلمان بن عبدالعزيز على ولاية العهد في قصر الحكم أمس (السبت)، مشاهد تاريخية مماثلة، اقترنت بالمناسبة ذاتها، تمثلت في تقلد الأمير سلمان بن عبدالعزيز وشاح «هندسة البيعة» على مدى سنوات طوال في القصر ذاته، ليعود اليوم مبايَعاً لا مهندِّساً. وتعد مبايعة الملك فيصل ملكاً للمملكة، والملك خالد - رحمهما الله - ولياً للعهد أول مبايعة في عهد الأمير سلمان بن عبدالعزيز أميراً لمنطقة الرياض في عام 1384ه، تلاها مبايعة الملك خالد ملكاً للبلاد، والملك فهد - رحمهما الله - ولياً للعهد في عام 1395ه، استطاع خلالهما استقبال رؤساء وقادة ومسؤولي دول عدة، حضروا لتشييع جثمان الملك خالد - رحمه الله -، ومواراته الثرى، وفي الوقت ذاته الإشراف على مراسم البيعة في «قصر الحكم» بالعاصمة الرياض، التي شهدت توافداً كبيراً من مختلف الأطياف والجنسيات. وظل «سلمان» على مدى تلك السنوات وحتى يومنا الحاضر، سنداً وعوناً لأشقائه أثناء مبايعتهم، بعد أن حمل على عاتقه استقبال ضيوف المملكة المعزين والمبايعين، وكان أباً روحياً لأبناء الراحلين، متحاملاً على حزنه. كما اقترن قصر الحكم على مدى تلك السنوات بالبيعة، كان آخرها مبايعة الأمير نايف بن عبدالعزيز - رحمه الله - ولياً للعهد في القصر ذاته قبل ثمانية أشهر، وقبلها تم الكثير من المبايعات في زوايا قصر الحكم بشكله القديم، قبل تطويره بالشكل الراهن في تسعينات القرن الماضي. ويعد قصر الحكم ذا قيمة تاريخية كبيرة، وشاهداً على التطور السياسي في المملكة، فهو مقر للحكم منذ عهد الإمام تركي بن عبدالله، وأعيد بناؤه في موقعه السابق على مساحة شاسعة وسط منطقة «الديرة» التاريخية (جنوبالرياض)، في مكان يجتمع فيه مع القصر الإمارة والجامع الكبير وساحة الصفاة وقصر المصمك التاريخي. كما يعد القصر ذاته شاهداً ودليلاً واضحاً على سلاسة وسهولة انتقال الملك وولاية العهد في المملكة، حيث يعد شاهداً للتاريخ على العلاقة الوطيدة التي يكنها الشعب لقيادته، والحب المتبادل بين الطرفين. ويبايع الحاضرون ولي العهد كأنهم ممثلون للمواطنين الذين لم يستطيعوا الحضور، وتتم المبايعة عادة في الصالات الداخلية للقصر، الذي اكتظ أمس (السبت) بأعداد غفيرة من وجهاء المجتمع السعودي وكبار القوم من مدنيين وعسكريين وأعضاء مجلس الشورى. وظل الحاضرون الذين لم يتمكنوا من الدخول في وقت مبكر؛ قابعين في خيام وضعت في ميدان «العدل» وهو إحدى الساحات المفتوحة حول القصر، حتى فراغ إحدى القاعات الداخلية من المبايعين ليأخذوا محلهم بها بعد انتهاء من سبقوهم من تقديم بيعتهم.