عالج انتخاب البرلمان الباكستاني مرشح «حزب الشعب» الحاكم رجا برويز أشرف رئيساً للوزراء، أزمة اعلان المحكمة العليا عدم اهلية سلفه يوسف رضا جيلاني لتولي هذا المنصب، بعد ادانته ب «ازدراء القضاء» في نيسان (ابريل) الماضي، حين رفض تنفيذ طلبها توجيه رسالة الى السلطات السويسرية لاعادة فتح ملفات فساد ضد الرئيس آصف علي زرداري. وسارع أشرف الى تسمية اعضاء الحكومةَ الجديدة التي ضمت 38 وزيراً، ولحظت احتفاظ معظم الوزراء بحقائبهم، وبينهم وزيرة الخارجية هينا رباني خار ووزير الصناعات الثقيلة تشودري برويز إلهي ووزير الدفاع سيد نويد قمر، بالاضافة الى مخدوم شهاب الدين وزير النسيج الذي رشحه زرداري لمنصب رئاسة الوزراء ثم تراجع عنه، بعد اصدار القضاء مذكرة توقيف في حقه بتهمة التورط بصفقة مخدرات. لكن تشكيل حكومة أشرف قد لا يكفي لتهدئة الصراع السياسي الذي تخوضه الحكومة المدنية منذ فترة مع تحالف القضاء، الخاضع لسيطرة المعارضة، والجيش، خصوصاً ان أشرف متهم كذلك بالتورط بقضية فساد تعود الى فترة شغله منصب وزير المياه والكهرباء. وفيما لا يُستبعد ان تستغل المعارضة ثغرة «فساد أشرف» للمطالبة بتشكيل حكومة انتقالية خلال الاسابيع المقبلة، تمهيداً لتنظيم انتخابات مبكرة نهاية السنة، بدلاً من انتظار انقضاء المدة الدستورية للبرلمان في آذار (مارس) 2013، يبدو اكيداً أن المحكمة العليا ستجدد مطالبة رئيس الوزراء الجديد بتطبيق قرار فتح ملفات «فساد زرداري». وتثير التوترات السياسية في باكستان قلق حليفتها الولاياتالمتحدة التي تتطلع الى تعاونها، لإنجاز مهمة سحب قوات التحالف الدولي من افغانستان بحلول نهاية 2014. وتريد واشنطن دعم إسلام آباد لإنجاح محادثات السلام مع حركة «طالبان» الأفغانية، وإعادة فتحها طرق امدادات الحلف الأطلسي (ناتو) عبر باكستان، والمغلقة منذ تشرين الثاني (نوفمبر) اثر مقتل 24 جندياً باكستانياً بغارة نفذتها مروحيات اميركية اقلعت من افغانستان. وكان لافتاً عدم تطرق اشرف، في خطابه الأول امام البرلمان، الى اعادة فتح طرق امداد «الأطلسي»، فيما ابدى رغبة في التعامل ب «مساواة» مع الولاياتالمتحدة التي رحبت ب «حل قضية إدارة باكستان». واكدت «تطلعها بفارغ الصبر الى العمل مع أشرف» بأمل ان يسمح ذلك باستئناف «الأمور التي نريد تحقيقها مع باكستان». ودعا اشرف «طالبان باكستان» الى إلقاء السلاح، مشدداً على ان «التصرف غير المسؤول للمتطرفين اضرّ بالإسلام وباكستان». وقال ان انعاش الاقتصاد ومعالجة ازمتي الطاقة والتضخم سيشكلان اولوية لحكومته، وان باكستان «غير قادرة على تحمل اعباء الصراعات السياسية الداخلية». ووعد بأن تواصل حكومته الحوار السلمي مع الهند والبلدان المجاورة مثل ايرانوافغانستان، في حين امل رئيس الوزراء الهندي منموهان سينغ في برقية تهنئة إلى نظيره الباكستاني، بتحقيق تقدم في الحوار بين البلدين. وكان زرداري التقى سينغ في الهند في نيسان (أبريل)، في اطار تنفيذ قرار البلدين استئناف حوارهما لبناء الثقة وارساء السلام في المنطقة.