تعهّدت «قمة الأممالمتحدة للتنمية المستدامة» (ريو + 20) بالترويج «لاقتصاد اخضر» يحمي الموارد الطبيعية للأرض ويقضي على الفقر، وذلك في ختام أعمالها التي واجهت انتقادات لغياب أهداف ملزمة والتمويل. فبعد 20 سنة على «قمة الأرض» التي فرضت البيئة على جدول أعمال العالم، انتهت في ريو دي جانيرو قمة «ريو + 20» التي سبقتها أشهر من المفاوضات والمناقشات، بتبنّي تسوية بالحد الأدنى أشرفت عليها البرازيل الدولة المضيفة. وأقرت 188 دولة عضواً في الأممالمتحدة بالتوافق النصّ الذي حمل عنوان «العالم الذي نريده». ورحب الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون بالنص معتبراً أنه «وثيقة جيدة جداً ورؤية يمكن أن نبني عليها أحلامنا»، كما نوهت وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون بالنتيجة، وقالت: «نحن ملتفون حول بيان ختامي يتضمن تقدماً فعلياً للتنمية المستدامة». ورأت الرئيسة البرازيلية ديلما روسيف أن قمة «ريو + 20» تشكل «نقطة انطلاق»، وقالت: «المهم مع وجود وثيقة، أن أحداً لا يستطيع أن ينكر أو ينسى ما هو مكتوب». وأعلنت الأممالمتحدة أن القطاع الخاص والحكومات والمجتمع المدني قدمت نحو 513 بليون دولار لتمويل مشاريع في قطاعات الطاقة والنقل واقتصاد البيئة ومكافحة التصحّر والمياه وحماية الغابات، من دون أن تضيف أي تفاصيل. لكن الأجواء مختلفة في المجتمع المدني الغاضب جداً. وخلال الأيام الثلاثة التي استغرقتها القمة، عبّر آلاف الناشطين عن خيبة أملهم ودانوا فشل «ريو + 20» وافتقارها إلى الطموح. وقال المدير التنفيذي لمنظمة «غرينبيس إنترناشيونال» كومي نايدو: «يعاد ترتيب الكراسي على متن التيتانيك وهي تغرق». وأكد مدير المركز الفكري الأميركي «وورلد ريزورس إنستيتوت» مانيش بابنا إن «التوقعات كانت متواضعة، لكن النتيجة اقل من ذلك، إذ إنها فرصة ضائعة». واتفقت الدول الغنية والفقيرة على سلسلة وعود لمعالجة مشكلات الكرة الأرضية، وسط هاجس الفشل المدوّي الذي انتهت إليه «قمة كوبنهاغن» عام 2009. ومن المشكلات الرئيسة الجوع والفقر والتصحّر وإفقار المحيطات والتلوث وانحسار الغابات وخطر انقراض آلاف الأنواع. ويؤكد رؤساء الدول والحكومات في بيانهم الختامي: «نجدد الالتزام إزاء التنمية المستدامة من أجل مستقبل مستدام اقتصادياً واجتماعياً وبيئياً ومن أجل كوكبنا وللأجيال الحالية والمقبلة». والإنجاز الرئيس هو قرار إطلاق «أهداف للتنمية المستدامة» على نمط أهداف «الألفية للتنمية» التي أقرتها الأممالمتحدة عام 2000. وترك أمر تعريف هذه الأهداف لمجموعة عمل يفترض أن تقدم اقتراحاتها بحلول 2013، لتطبق اعتباراً من 2015. وأعلن البيان الختامي أن هذه الأهداف «ستكون محدودة عدداً وموجزة وتركز على العمل»، ويمكن تطبيقها في كل الدول، لكنها تأخذ في الاعتبار «الظروف الوطنية الخاصة». ويدعو النصّ إلى اعتماد «اقتصاد اخضر» كنموذج أقل تدميراً للكوكب الذي سيرتفع عدد سكانه من سبعة بلايين إلى 8.5 بليون في عام 2050. وأكد البيان أن تعريف «سياسات الاقتصاد الأخضر» تُرك لكل بلد، مشدداً على أنه يجب ألا يشكل «قيوداً مقنّعة للتجارة الدولية». لكن تمويل الانتقال إلى اقتصاد أخضر يبقى معلقاً. ففي فترة أزمة استنفدَت فيها الموازنات العامة، لم تعد الدول الغنية تملك وسائل تقديم الأموال. وبقي اقتراح الدول النامية إنشاء صندوق بقيمة ثلاثين بليون دولار سنوياً حبراً على ورق. وأوضحت قمة «ريو + 20» أنها تشجع على التوصل إلى موارد تمويل جديدة على غرار مشاريع وشراكات، إلى جانب «وسائل تمويل مبتكرة» من دون تقديم تفاصيل. وضمّت قمة مضادة في وسط ريو آلافاً من دعاة حماية البيئة والنساء والمثليين الذين نظموا مئات الجلسات الحوارية والتظاهرات والمعارض في أجواء احتفالية. وأكدوا في بيان قناعتهم بأن «وحده الشعب المنظم والمعبأ يمكنه تحرير العالم من سيطرة الشركات الاحتكارية ورؤوس الأموال».