أ ف ب - تشكل الأزمة في سورية اختباراً للعلاقات بين الرئيس الأميركي باراك أوباما ونظيره الروسي فلاديمير بوتين، اللذين التقيا أمس في المكسيك. وعقد اللقاء الأول بين الرئيسين الأميركي والروسي منذ عودة بوتين إلى الكرملين في لوس كابوس في المكسيك قبل الافتتاح الرسمي لقمة رؤساء الدول والحكومات الناشئة والثرية في مجموعة العشرين. ويعتبر اوباما «تحسن» العلاقات مع روسيا خلال ولاية الرئيس السابق ديمتري مدفيديف أحد نجاحاته الدبلوماسية. الا ان المواقف الاخيرة حول سورية واللهجة الصارمة لبوتين والتوتر السياسي في موسكووواشنطن، يمكن ان تؤدي الى مواجهة بين رئيسي البلدين العدوين السابقين ابان الحرب الباردة. ويرى ماتيو روجانسكي من معهد «كارنيغي انداومنت فور انترناشونال بيس»، أن على بوتين وأوباما أن يسعيا الى «الحد من الأضرار» والتوصل إلى أساس للعمل لتفادي انفلات الاوضاع المتوترة. وأضاف روجانسكي «عليهما ان يتوصلا الى نوع من التوافق ووضع استراتيجية لاستباق الأحداث في حال حصول أمر مكروه». ويفترض ان يحمي اوباما، الذي يواجه حملة صعبة لإعادة انتخابه في تشرين الثاني (نوفمبر)، مواقفه في مواجهة اليمين بعد اعلان منافسه الجمهوري ميت رومني، أن روسيا تشكل تهديداً جيوسياسياً. وكان رومني صرح الاسبوع الماضي ان «روسيا تسلح وتحمي النظام القاتل في سورية وتعوق العقوبات الدولية على ايران وتعارض جهود الولاياتالمتحدة حول العديد من الملفات». إلا أن واشنطن ما زالت تأمل في الحصول على موافقة موسكو على التوصل الى حل للأزمة في سورية، على الرغم من رفضها قرارات مجلس الأمن بفرض عقوبات على سورية. واتهمت وزيرة الخارجية الاميركية هيلاري كلينتون موسكو الاسبوع الماضي بتزويد نظام الأسد بمروحيات قتالية، إلا أن روسيا ردّت بأن كل ما قامت به هو أعمال تصليح لمروحيات قديمة. ويقول المحللون إن روسيا تعتقد انها خُدعت من قبل الدول الغربية حول ليبيا، لأنها أكدت لها أنها لن تسعى للإطاحة بنظام معمر القذافي، ثم ساعدت المعارضة الليبية على القيام بذلك. كما تخشى موسكو ايضاً خسارة حليف جيو-استراتيجي مهم، مثل سورية، حيث تتمتع بقواعد بحرية في المتوسط في حال الإطاحة بنظام الأسد واستبداله بنظام أقل تأييداً لمواقفها. وأعلنت واشنطن التي تأمل بحصول انتقال للسلطة في سورية على غرار اليمن بوضوح، ان هدفها ليس المساس بالمصالح الروسية في سوريا. وكان المستشار المساعد لشؤون الامن القومي بن رودس، أعلن الجمعة «ليس من مصلحتنا وضع حد للتأثير الروسي في سورية». كما يشدد المسؤولون الاميركيون على أن بوتين وافق على عناصر اساسية من التعاون مع واشنطن عندما كان رئيساً للوزراء خلال فترة تحسن العلاقات مع مدفيديف. واشار رودس الى انه «خلال المحادثات الهاتفية التمهيدية التي اجراها اوباما مع بوتين، الرسالة التي نقلت الينا هي ان روسيا تريد مواصلة العمل على أرضية التوافق التي توصلنا الينا». الا ان بوتين، الذي يدافع بشدة عن موقع روسيا كقوة عظمى، لا يخفي قلقه إزاء واشنطن، التي يتهمها بالوقوف وراء تظاهرات معارضين في موسكو. وكان بوتين رفض المشاركة في قمة مجموعة الثماني التي استضافها اوباما الشهر الماضي. ومع ان موسكو أكدت انها لا تتجاهل واشنطن، الا ان بوتين قام بها بزيارة بكين وبرلين وباريس.