أ ف ب - تثير محاكمة نائب الرئيس العراقي طارق الهاشمي انقساماً بين السياسيين حيال استقلالية القضاء، في خلاف يعكس عمق الازمة التي تعصف بالبلاد منذ نحو سبعة اشهر. ومنذ بدء المحاكمة الغيابية للهاشمي الموجود في تركيا منذ اكثر من شهر، يشن خصوم رئيس الوزراء هجوماً متواصلاً على القضاء متهمينه بالتسيس والخضوع لارادة رئيس الوزراء نوري المالكي الذي يحكم البلاد منذ 2006. مقابل ذلك، يدافع حلفاء المالكي عن عمل القضاء ويؤكدون ان رافضي محاكمة الهاشمي يبنون اتهاماتهم على اساس ان نائب الرئيس يعتبر احد ابرز قادة ائتلاف «العراقية» بزعامة اياد علاوي، الخصم الابرز للمالكي. ويقول الناطق باسم مجلس القضاء الاعلى القاضي عبدالستار بيرقدار ان «الاتهامات التي نواجهها خلال فترة محاكمة الهاشمي سببها تضارب المصالح» بين السياسيين. ويضيف ان «القضاء في العراق يحكم وفق القانون. وقد اعطى ضمانات كافية وفق المعايير الدولية وبينها حق الطعن بالحكم، والمحاكمة تجري بشكل علني ولو كان لدينا ما نخفيه لكننا أجريناها بشكل مختلف»، محذراً من ان «الطعن بالقضاء يمس سمعة الدولة». ويحاكم الهاشمي منذ 15 ايار (مايو) بثلاث قضايا تتعلق باغتيال مدير عام في وزارة الامن الوطني وضابط في وزارة الداخلية ومحامية، وذلك من خلال الاشراف على «فرق موت». وشملت الجلسات الثلاث للمحاكمة التي تستأنف اليوم بعدما جرى تاجيلها في 31 ايار (مايو)، الاستماع الى شهود ومتهمين بالاشتراك مع الهاشمي في قضايا الاغتيال، وذلك بحضور وسائل الاعلام. وبدأت قضية الهاشمي بعيد الانسحاب الاميركي من البلاد نهاية 2011 واتهام القائمة «العراقية» للمالكي، زعيم حزب الدعوة الاسلامية بالتفرد في السلطة وتهميش المكونات الاخرى، خصوصاً السنّة. وصدرت مذكرة توقيف بحق الهاشمي في كانون الاول (ديسمبر) الماضي، ما دفعه الى مغادرة بغداد الى اقليم كردستان الذي يتمتع بحكم ذاتي، ثم الى تركيا حيث يقيم حالياً. ويقول النائب حامد المطلك، من القائمة «العراقية» ان «كل الدلائل خلال الاشهر الماضية تشير الى ان القضاء لم يكن موفقاً في كثير من الامور وصبغة التسييس واضحة عليه، ومصدر هذا التسييس الحكومة وبعض الاحزاب». ويضيف: «نحتاج الى فصل للسلطات والى تحديد للمسؤوليات والى ان نوقف التدخل في عمل القضاء الذي لم يكن في مستوى طموح العراقيين، علماً ان العراق كان من اول الشعوب التي اعتمدت القانون لتنظيم حياتها». وكان النائب حيدر الملا، وهو احد الناطقين باسم «العراقية» قال في شباط (فبراير) الماضي إثر طلب رفع الحصانة عنه بعد اتهامه أحد القضاة المعنيين بقضية الهاشمي «بالخضوع لارادة المالكي»، ان «القضاء مسيس». واضاف: «هناك تدخل من السلطة التنفيذية في عمل السلطة القضائية». ويمثل الانقسام حول صدقية القضاء احد فصول الازمة السياسية المستمرة منذ نهاية العام الماضي والتي باتت تثير خلافاً عمودياً بين الخصوم السياسيين يشل مؤسسات الدولة ويهدد الامن والاقتصاد. وبلغت الازمة ذروتها مع السعي إلى سحب الثقة من حكومة المالكي، ويرى حلفاء رئيس الوزراء ان فشل خصومه في اطاحته يفرض عليهم ان يهاجموا علانية كل مؤسسات الحكم للتشكيك بحكم المالكي. وترى النائبة عالية نصيف، من «الكتلة العراقية الحرة» المنشقة عن كتلة علاوي والمتحالفة مع كتلة المالكي، ان «القضاء حيادي جداً والاجراءات قضائية ودستورية صحيحة». وتوضح ان «العديد من البرلمانيين اطلعوا على التحقيقات (في قضية الهاشمي) ولاحظوا ان الجرائم حقيقية عبر الاعترافات التي تم التدقيق فيها مع كشف الدلالة بالجرائم والاغتيالات التي حدثت».