في موازاة استمرار المفاوضات في القاهرة للتوصل إلى اتفاق لوقف النار بين إسرائيل والفصائل الفلسطينية في قطاع غزة، انشغلت إسرائيل باحتمالات تعرضها إلى محاكمة دولية بارتكاب جرائم حرب في قطاع غزة، فسارع «مراقب الدولة» إلى إعلان نيته فحص عمل المستويين السياسي والعسكري و»الادعاءات بوقوع جرائم حرب». من جهتهم، صعّد وزراء اليمين المتطرف في الحكومة الإسرائيلية معارضتهم اتفاقاً لوقف النار «لا يضمن لإسرائيل هدوءاً طويل الأمد، وموافقة على تجريد قطاع غزة من السلاح، وإعادة أشلاء جثتي جنديين تحتجزها حركة «حماس». وواصل رئيس الحكومة بنيامين نتانياهو محاولاته حشد تأييد غالبية أعضاء الحكومة الأمنية المصغرة لاتفاق «طويل الأمد» لوقف النار في حال أقره الوفد الإسرائيلي المفاوض إلى القاهرة. وأشارت تقارير صحافية إلى أن نتانياهو بحاجة إلى صوت الوزير يغآل اردان إلى جانبه ليضمن غالبية من خمسة وزراء في مقابل معارضة ثلاثة وزراء أي اتفاق يمنح «حماس» ما يعتبرونه إنجازاً. وقال اردان للإذاعة العامة إنه سيؤيد اتفاقاً «فقط إذا أيقنت أنه يضمن هدوءاً طويل الأمد، وهامش تحرك واسعاً للجيش الإسرائيلي في قطاع غزة لإحباط عمليات إرهابية أو حفر أنفاق جديدة». ويقود حملة المعارضة زعيم حزب المستوطنين «البيت اليهودي» نفتالي بينيت الذي وصف تحويل أموال إلى موظفي الحكومة في غزة ب «رشوة سياسية»، ووزير الخارجية أفيغدور ليبرمان الذي أعلن أمس أنه «ينبغي على إسرائيل دحر حماس حتى بثمن تصعيد عسكري جديد». وقال خلال لقائه رؤساء بلدات جنوب إسرائيل إن شهراً من المعارك «كفيل بأن نتيقن أنه لا يمكن التوصل إلى أي تسوية مع ثلة الإرهابيين في القطاع». وأضاف أنه لا يمكن لإسرائيل أن تسمح لنفسها بحرب استنزاف تشنها «حماس»، وأنه لا ينبغي تهديد «حماس» برد قاسٍ إذا ما انهار وقف النار الحالي إنما العمل على دحرها، حتى بثمن تصعيد جديد، «لكن جدي لإنهاء هذه القصة خلال أقصر فترة». ليبرمان يهدد بقتل هنية وضيف وتابع: «من دون التخلص من حماس»، لن يكون ممكناً التقدم نحو أي تسوية مريحة، لا سياسياً ولا أمنياً... وليس معقولاً أن دولة إسرائيل لا تستطيع دحر 26 ألف مسلح يجلسون بمحاذاتنا ويهددون صباح مساء بخرق الهدوء». وأعلن أيضاً أنه لا يجوز إنهاء المعركة الحالية من دون إعادة جثتي الجنديين، «وإذا لم يفهم المخربون ذلك، فلنفهمهم أنهم سيتسلمون في المقابل جثت محمد ضيف وإسماعيل هنية وكل قيادة حماس في غزة». وتبنى زميله وزير الأمن الداخلي موقفاً مماثلاً، منتقداً رئيس حكومته على عدم إطلاعه على تفاصيل المفاوضات في القاهرة. إلى ذلك، تناول ليبرمان تعيين مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة تشكيل لجنة تحقيق، وقال إنه «ينبغي على إسرائيل عدم التعاون مع لجنة هي في الواقع سيمفونية من النفاق، أعضاؤها من كوبا والجزائر». وأضاف أنه لا يجوز لإسرائيل أن تمنح أعداءها الشرعية، «وعلينا أن نمنع رئيس اللجنة شابياس من أن تطأ قدماه إسرائيل... وسنعرف كيف نواجه هذه اللجنة مثلما عرفنا كيف نواجه لجنة غولدستون وبالمر». مطالب بلجنة تحقيق وارتفعت في إسرائيل الأصوات المطالبة بأن تقوم الحكومة بتشكيل «لجنة تحقيق أو فحص» في مجريات الحرب على القطاع برئاسة شخصية إسرائيلية لها مكانتها الدولية، وبمشاركة خبراء دوليين بصفة مراقبين، «لتكون هذه اللجنة بمثابة الدرع الواقي دولياً وتقلل من احتمالات ومخاطر تقديم مسؤولين إسرائيليين للمحاكمة الدولية في لاهاي». وأبدى السفير الإسرائيلي السابق في واشنطن مايكل اورن تحمسه لهذه الفكرة، وقال إن إقامة لجنة كهذه ستقطع الطريق على أي توصيات تقدمها اللجنة الأممية «وتمنح إسرائيل حماية سياسية وقضائية، وتحول دون محاكمتها في لاهاي»، مضيفاً أن لجنة كهذه ستجعل من اللجنة الأممية «هامشية». وكان «مراقب الدولة» يوسف شابيرا أعلن أمس أن مكتبه سيفحص سلوك المستويين السياسي والعسكري خلال الحرب «لمواجهة الادعاءات وكأن إسرائيل خرقت قواعد القانون الدولي، ولم تقم بفحص عمليات الجيش كما يحتم القانون الدولي». لكن مراقبين لا يعوّلون على مكتب «المراقب» ويرون أن «لا أسنان لمكتبه لمواجهة قادة المستويين السياسي والعسكري».