أدرج مراقبون في إسرائيل تصريحات رئيس حكومتها بنيامين نتانياهو أمس بأن الحرب على غزة «لمّا تنتهِ إلى حين تحقيق الأهداف منها»، ضمن محاولاته امتصاص غضب سكان البلدات الجنوبية الذين أعلنوا رفضهم العودة إلى منازلهم بداعي أن حياتهم معرضة للخطر بسبب تواصل القصف من غزة. وصبّ وزير الخارجية أفيغدور ليبرمان الباحث عن مزيد من استعطاف اليمين المتشدد لمواقفه المتطرفة، الزيت على نار غضب السكان بانتقاده غير المباشر رئيس حكومته على أنه لم يستمع إلى نصيحته قبل بدء الحرب ب «وجوب دحر حماس وتطهير الأرض». وقال نتانياهو في مستهل الاجتماع الأسبوعي لحكومته أمس إن «عملية الجرف الصامد» تتواصل، «ونحن لم نعلن في أي مرحلة انتهاءها، بل ستتواصل وتستغرق وقتاً حتى إتمام الهدف منها، وهو استعادة الهدوء لفترة طويلة». وأضاف أنه خلال العملية العسكرية أوضح في أكثر من مناسبة أن المطلوب هو «الوقت والصبر»، مضيفاً أن «حماس لن تنجح في استنزافنا، وإسرائيل لن تدير أي مفاوضات تحت النار، وسنعمل بكل الطرق لتغيير الواقع الراهن، وسنقف موحدين وعازمين حتى نتمّ المعركة». واعتبر وزير الدفاع موشيه يعالون ان «حماس تخطئ إذا ما اعتقدت أنها ستنجح في استنزافنا، وسنعود إلى طاولة المفاوضات فقط بعد وقف النار». وتابع ان إسرائيل لن تساوم في كل ما يتعلق بوقف تام للصواريخ وللإرهاب من القطاع «وسنواصل العملية العسكرية حتى نحقق ذلك». وشدد على أن «إدارة العملية العسكرية تتم، سواء على المستوى السياسي أو العسكري، برويّة ولن تنتهي من دون تحقيق الهدوء والأمن لكل سكان إسرائيل». ليبرمان وقال ليبرمان قبل اجتماع الحكومة إنه اعتقد كل الوقت أنه ينبغي حسم «حماس» وتطهير الأرض والخروج من القطاع بأسرع ما يمكن، وأنه اقترح ذلك قبل إطلاق عملية «الجرف الصامد، ولو سمعوا مني لكان ذلك وراءنا اليوم». وأضاف أن إسرائيل لا يمكنها أن تقبل حتى بالحد الأدنى من مطالب «حماس». ودعا وزير الداخلية جدعون ساعر إلى كسر القوة العسكرية لحركة «حماس»، «وهذا ما قلناه من قبل ويصح قوله اليوم»، وذلك من أجل إتاحة الفرصة أمام سكان البلدات في «غلاف غزة» للعودة الآمنة إلى بيوتهم. مستوطنات «غلاف غزة» وكان رفض سكان عدد من المستوطنات في «غلاف غزة» العودة إلى منازلهم التي هجروها قبل شهر، بداعي أن الحرب لم تنتهِ احتلت عناوين وسائل الإعلام. وشارك رؤساء البلدات في توجيه انتقادات شديدة اللهجة لسدنة الحكومة وطالبوا وزير الدفاع «بالإيفاء بوعده بأن البلدات الجنوبية لن تتعرض بعد الى قصف من القطاع». وغمز معلقون من «التصريحات المتسرعة» لنتانياهو ويعالون منتصف الأسبوع الماضي، بأن الحرب انتهت وبإمكان سكان المستوطنات العودة إلى بيوتهم. وكتب المعلق العسكري في «هآرتس» عاموس هارئيل إن «تبيّن أن تلخيصات الحرب، وتحديداً إعلان انتصارنا، كانت سابقة لأوانها مع تجدد القصف من القطاع بعيد انتهاء هدنة الأيام الثلاثة». وأضاف ان إسرائيل تعتبر مطالب «حماس» في مفاوضات القاهرة غير واقعية، مشيراً إلى أن تحويل أموال إلى القطاع لإعادة تأهيله وانتشاله من الهدم ولتمويل رواتب موظفي «حماس»، لن يتم من دون موافقة إسرائيلية. انتصار سابق لأوانه وأضاف أن إسرائيل مستعدة لتقديم «بعض التسهيلات» في المعابر الحدودية معها، على أن تخفف مصر الأزمة الخانقة في معبر رفح، «لكن ليس أكثر من ذلك». وأردف أن «مسألة إنشاء ميناء يمكن بحثها، إن تم بحثها اصلاً، في المستقبل البعيد». وزاد أنه يكون أي بحث في تدشين «المعبر الآمن» بين القطاع والضفة الغربية، ولن يتم الإفراج عن أسرى فلسطينيين إلى الضفة الغربية بداعي أن «حماس» ليست شريكاً في أي شيء يتعلق بالضفة، إنما فقط السلطة الفلسطينية هي العنوان الوحيد. واعتبر استئناف «حماس» قصف إسرائيل جزءاً من استراتيجيتها القائمة على ثلاثة مركبات: الصمود في المعركة أمام إسرائيل، وتحقيق إنجازات تبقى عالقة في الذهن مثل الهجمات التي شنتها عبر الأنفاق، وإظهار الصبر وطول النفَس والصمود في مواجهة الضغط الإسرائيلي. ووجه المعلق السياسي في «يديعوت أحرونوت» شمعون شيفر انتقادات لنتانياهو ويعالون على «إعلان الانتصار»، وكتب أن الرجلين لم يستوعبا ان «حماس» لن توقف النار قبل أن تحقق لنفسها الأهداف المرجوة منه، وفي مقدمها رفع الحصار عن القطاع، والحفاظ على قدراتها العسكرية ومواصلة تزودها صواريخ ووسائل قتالية. وأشار إلى الانتقادات التي وجهها جنرالات سابقون على سير الحرب على القطاع، مثل اعتبار رئيس شعبة الاستخبارات العسكرية السابق عاموس يدلين أن الحرب أديرت في شكل عشوائي وأن ذلك يستوجب فحصاً جدياً، أو تصريح رئيس هيئة الأمن القومي سابقاً غيورا أيلاند أن الخطأ الذي ارتكبته إسرائيل تمثل في تعاملها مع «حماس» كمنظمة إرهابية وليس كدولة بنت لنفسها جيشاً، «ما يتحتم علينا إعداد خطة عملانية لمواجهة دولة».