ساند الأمير نايف بن عبد العزيز - يرحمه الله - المرأة السعودية في نيل واحد من أبرز مطالبها، وهو بطاقة «الهويّة الوطنيّة»، على رغم بعض «المعارضة» لنيلها هذه البطاقة التي بدأت منذ عام 1422ه. وكانت المرأة السعودية تعاني لسنوات طويلة من عدم وجود الهوية الشخصية التي تثبت هويتها، خصوصاً أنها كانت بوابة للحصول على عدد من «الامتيازات» التي كانت «محرومة» منها، سواء أكانت في التنقل أم إضافة الأبناء، وحمايتها من انتحال هويتها، ما ينعكس عليها سلباً. وقال الأمير نايف - يرحمه الله - حول قرار إصدار بطاقة الأحوال المدنية للمرأة، التي تحوّلت لاحقاً إلى «الهوية الوطنية»: «إن إصدار هوية خاصة بالمرأة بات أمراً ضرورياً، نظراً إلى الحاجة المُلحّة التي فرضتها مستجدات العصر و أوجبته الكثير من المشكلات التي حدثت نتيجة غياب بطاقة تثبت شخصية للمرأة»، ولفت إلى أن وجود هذه البطاقة سيكون سبباً في «سدّ الذرائع الكثيرة، وتسهيل وتيسير معاملات وحاجات المرأة ذاتها، وعلاقتها ببقية مؤسسات المجتمع وأجهزة الدولة». وأضاف: أن «إصدار البطاقة الشخصية للمرأة أَمْلَته أيضاً ضرورة الحياة المعاصرة، وذلك لتمكين المرأة من أداء أعمالها كافة بسهولة ويسر، ويَحُول دون التزوير والخداع والنصب الذي يُرتكب باسم المرأة، لعدم وجود إثبات لهويتها، فالهوية أساس لإثبات الشخصية في المعاملات التي تتطلب فيها الحضور في الوكالات، وعمليات البيع والشراء، والتوريث، والمعاملات المالية كافة». وأكد وزير الداخلية أن «بطاقة المرأة لا تعني أبداً عدم احتشامها، أو تعريضها إلى سفور، أو خدش لحيائها أو ما يخالف تعاليم الشرع، وإنما التأكيد على هويتها، ولإثبات حقوقها، وإبعادها عن الاستغلال، ومنعاً للعابثين من استثمار الواقع من دون حق». ومنذ بدء إصدار البطاقة في عام 1422ه، سجل الإقبال عليها ازدياداً، وواكبت الأحوال المدنية هذا التزايد بإجراءات عدة، شملت التوسع في افتتاح الأقسام النسوية الملحقة بفروع ومكاتب الأحوال المدنية، لمقابلة الطلب المتزايد عليها، وللتيسير على المواطنات بحصولهن على الخدمة في مقرّ إقامتهن، فمن خمسة أقسام نسوية تم افتتاحها في عام 1422ه، وصل العدد حالياً إلى أكثر من 20 قسماً. وسيتم افتتاح المزيد من الأقسام النسوية خلال المرحلة المقبلة. ولم يقف سقف القرار على السماح للمرأة بإصدار الهوية، وإنما ألزمها بالحصول عليها كي تتمكن من نيل حقوقها والمحافظة عليها. كما تمّ استحداث أقسام نسائية خاصة بالأحوال المدنية، كي يتسنى لها إجراء معاملات الحصول على البطاقة بحرية تامة. وتُعتبر الأرامل والمطلقات والمهجورات من أزواجهن أكثر المستفيدات من قرار الهوية الوطنية، وهو ما جعلهن يرددن أمس في صوت حزين «رحم الله نايف بن عبدالعزيز وأسكنه فسيح جناته». إذ تخلّصت هؤلاء النسوة من الكثير من المشكلات اللاتي واجهنها. وتقول حنان (مهجورة): «لولا حصولي على بطاقة الهوية الوطنية، لما تمكنت من نيل حضانة أبنائي، وتسجيلهم في المدارس، وإصدار شهادات ميلاد لهم، وهو ما رفض زوجي فعله خلال السنوات الماضية، فعندما كنتُ أفتقد للهوية، كنتُ أشعر بالضياع، إلا أن ولي العهد - رحمه الله - وجد أن حل مشكلات الكثير من النساء تبدأ بإصدار هوية لهن». واعتبرت حنان هذه الخطوة «بداية لمرحلة مفصلية في حياة عدد من السعوديات، اللاتي عانين مشكلات اجتماعية كثيرة، وصلت إلى حدود لا يمكن تصورها، بسبب غياب الهوية، فمنها اندرجت أمور عدة، وانبثقت قرارات تعود لمصلحة المرأة، مثل قرار سكن المرأة في الفنادق، والاكتفاء بالهوية الشخصية للمرأة، والسماح لها بالسفر. كما أتاح لهن نوعاً من الخصوصية بمختلف أنواعها، كما وفّر لها الحماية الكاملة، ومنحها القدرة على مواجهة التحديات والظروف التي قد تعتري حياتها»، مبينة أنه «لولا توافر هويتي الشخصية لحُرمتُ من أبنائي أعواماً طويلة، فهم الآن في حضانتي. علماً أنه لو لم أكن أحمل هوية شخصية، لِما أُتيح لي ذلك، ولحرم أبنائي من الكثير من حقوقهن». بدورها، أكدت المهتمة بحقوق المرأة إيمان بدر، في تصريح إلى «الحياة»، أن «الأمير نايف بن عبد العزيز، ومن خلال مناصبه المتعددة، ساند المرأة في نيل حقوقها، ومواجهة ظروف الحياة، خصوصاً في ما يتعلق بالهوية الشخصية، التي أنهت وجوهاً من معاناة المرأة التي كانت تعتمد على دفتر العائلة، ما يوقعها في حرج، ويقيّد حريتها، إلا أن الهوية حلّت مشكلة كانت شائكة، وقدّم للمرأة تسهيلات كثيرة، حتى لا تبقى مقيدة وتشعر بالضيق، ولا تتمكن من نيل حقوقها».