انتظرت مزنة عبدالله حضور أبناء أخيها إلى كتابة العدل الكبرى بالرياض أكثر من ساعتين، بسبب الحاجة لمعرفين اثنين للتعريف بها بأنها هي "مزنة" بالرغم من وجود بطاقة هوية وطنية لها صادرة من الأحوال المدنية بداية عام 1423، ولم تكن مزنة وحدها بل هناك العديد من النساء اللاتي كن ينتظرن على مقاعد متهالكة وقليلة لا تتجاوز السبعة في ممر خصص لانتظار النساء داخل المبنى. "الوطن" رصدت خلال جولتها لكتابة العدل الكبرى بالرياض معاناة العديد من النساء بسبب إلزامهن بالمعرفين وفي بعض الحالات تحتاج المرأة إلى اثنين من المزكين، وقالت مزنة "انتظرت من الساعة الثامنة صباحا ومعي ابنا أخي أحدهما يدرس في الجامعة والأخر جاء من العمل إلى جانب اثنين من المزكين لأن بناتها الأربع يرغبن في توكيلها على استلام مخصصات مالية لهن من الدولة ومتابعة الإجراءات في بعض الجهات الحكومية." معاناة متكررة ووصفت ذلك بالمعاناة التي لا تنتهي، وقالت "إنها ليست المرة الأولى بل تكرر معي المشهد قبل 4 سنوات وللسبب نفسه،" وأضافت أنه على الرغم من حصولها على بطاقة الأحوال المدنية في المرة الأولى وبعد تجديدها وحصلت على الهوية الوطنية وجواز سفر وأصل بطاقة العائلة إلا أن الحاجة لمعرفين لم تنته فتشعر بحرج شديد وهي تبحث بين أقربائها عن معرفين لأن ابنها الوحيد خارج المملكة للدراسة. وتضيف سيدة الأعمال فاتن راشد "أعاني من البحث عن معرفين لأي إجراء في المحكمة وكتابة العدل بالرغم من استخراجي لبطاقة الهوية الوطنية، التي لم اضطر لمعرفين لاستخراجها" ودعت إلى تفعيل نظام البصمة أو توظيف نساء ليتحققن من هوية حاملة البطاقة بدل الإذلال والبحث عن معرفين بين العائلة ليتركوا أعمالهم أو دراستهم حتى يأتوا للتعريف بي. من جهتها، قالت أم عبدالله "لم أواجه هذه المشكلة.. كما أنني لا أملك هوية وطنية بل بطاقة العائلة.. كون ولدي يرافقني ويعرف عليّ حيث وكلته لاستخراج تأشيرات عماله لمشغلي." مزنة وفاتن.. هن صورة للعديد من المواطنات اللاتي يعانين الكثير بشأن مشكلة المعرفين التي تؤرق السيدات في المحاكم وكتابة العدل واستخراج صك إثبات الحالة إن كانت أرملة أو مطلقة، بل إن هذه المشكلة تتكرر سنويا بالنسبة لصك إثبات الحالة لأنه يطلب تجديده سنويا. توظيف كاتبات عدل من جهته، دعا المحامي والمستشار القانوني عبدالعزيز القاسم إلى توظيف كاتبات عدل وموثقات شرعيات، وذلك للقضاء على التقليل من كرامة المرأة والتخلص من الأعباء التي تلقى على ذويها من ذلك.. وقال "إن المرأة أمام الدوائر العدلية والرسمية بشكل عام لا تنال الخدمة القضائية المشروعة والمكفولة لها في الشريعة والنظام الأساسي في الحكم،" مشيراً إلى أن حصة المرأة من حقوقها بالتقاضي والخدمات العدلية شديدة النقص. وأضاف "أن الإجراءات المتخذة تمس كرامة المرأة وتحمل ذويها أعباءً اجتماعية وعملية ومالية دون حاجة أو ضرورة،" مبيناً أن تفعيل حقوق المرأة في هذا المجال لن يتحقق بكفاءة إلا بتوظيف كاتبات العدل والموثقات الشرعيات من خريجات كلية الشريعة والحقوق يخدمن النساء بكل سهولة ومنها يتم تفعيل الهوية الوطنية للمرأة وهو الحل الأفضل والأنسب إلى جانب أن شهادة المرأة مقبولة. وفيما يتعلق بكشف المرأة لوجهها للتأكد من هويتها لحاملة الهوية الوطنية، قال "إن مذهب الإمام أحمد والمدرس في كلية الشريعة أن كشف المرأة لوجهها أمام الشاهد جائز ونظر الشاهد لوجه المرأة في الشهادة جائز ولكنه العرف الذي تحول إلى شريعة ألغى بها الأحكام الشرعية الصريحة،" مشيراً إلى أن سبب ضياع الحقوق هو باب سد الذريعة. الهوية تضم الصورة والبصمة في المقابل، أكد المتحدث الرسمي للأحوال المدنية محمد الجاسر ل "الوطن" أن بطاقة الهوية الوطنية للمرأة هي إثبات رسمي لها معتمدة لدى كافة الجهات الرسمية التي تتقدم المرأة بطلب خدماتها وهي معنية بتوفير عنصر نسائي يتولى المطابقة والتأكد من عائدية البطاقة للمتقدمة بطلب الخدمة. وأضاف "أن بطاقة الهوية الوطنية هي البديل الحديث لبطاقة الأحوال المدنية، وقد اعتمدت لتكون إحدى المرتكزات الأساسية لتطبيق الحكومة الإلكترونية وخدماتها وهي بطاقة إلكترونية ذكية تُعرّف بالمواطنة وصممت لتستوعب العديد من الخدمات التي يمكن أن تُضمّن في بطاقة واحدة، كما تمت مخاطبة الجهات ذات العلاقة لتفعيل دور هذه البطاقة كإثبات مقبول يثبت هوية المرأة وبيانات سجلها المدني عند تقديمها لهذه الجهة." وأشار الجاسر إلى أن "بطاقة الهوية الوطنية النسائية تشتمل على بصمة وصورة لوجه المرأة وهي بذلك تحول دون انتحال شخصيتها الذي يؤدي إلى الإضرار بها وبمصالحها كما تحول دون التلاعب الذي تواجهه بعض الجهات وتكون نتيجته تقديم خدماتها لغير المستحقات لها،" وذكر أنه منذ بدء إصدار البطاقة عام 1422 والإقبال عليها في تزايد وقد واكبت الأحوال المدنية هذا التزايد بعدة إجراءات شملت التوسع في افتتاح الأقسام النسوية الملحقة بفروع ومكاتب الأحوال المدنية لمقابلة الطلب المتزايد وللتيسير على المواطنات بحصولهن على الخدمة بمقر إقامتهن فمن 5 أقسام نسوية افتتحت عام 1422 وصل العدد حالياً إلى أكثر من 20 قسما. ووعد الجاسر بافتتاح المزيد من الأقسام النسوية خلال المرحلة المقبلة، وإتاحة المجال للنساء في المناطق التي لا يوجد بها قسم نسوي للحصول على البطاقة من أقرب قسم نسوي لها أو أي قسم آخر ترغب التقدم له في ظل إجراءات ميسرة تراعي قدومها من مدينة أخرى، وتابع "سيتم قريبا تقديم الخدمة للمواطنات اللاتي لا تتوفر في محافظاتهن أو المراكز التابعات لها أقسام نسوية من خلال وسائل حديثة اعتمدتها الأحوال المدنية تشمل المكاتب والعربات والكاميرات المتنقلة." العدل تمتنع عن الرد توجهت "الوطن" إلى وزارة العدل عن طريق العلاقات العامة والإعلام بالسؤال حول عدم اعتراف المحكمة وكتابة العدل بالهوية الوطنية والتعامل مع السجل المدني للمرأة كإثبات لحالها ولوضعها ولهويتها، وعدم تفعيل نظام البصمة الذي سبق أن أعلنت عنه الوزارة وتوظيف نساء للتأكد من مطابقة الهوية لحاملتها لصعوبة كشف وجه المرأة عند الرجل، إلا أن "الوطن" لم تحصل على إجابة رغم مرور شهرين على إرسال الاستفسار عن طريق البريد الإلكتروني والفاكس وأن العدل امتنعت عن الإجابة دون إبداء الأسباب.