متشحات بالسواد يدلفن إلى مبنى صغير تابع إلى إدارة الأحوال المدنية في المنطقة الشرقية، هناك لن يحتجن إلى «محرم» يوافق على استخراج بطاقة الهوية الوطنية لهن، بعضهن لا يخفين شعورهن ب «الاستقلالية» وهن يتسلمن تلك البطاقة التي تتيح لهن إثبات هويتهن، وحتى التنقل بين دول الخليج من دون جواز سفر، ولكن بموافقة ولي الأمر، الذي كان يحتكر لسنوات قريبة، قرار حصول زوجته أو ابنته أو أخته على البطاقة. ولم تتوقع بعض من التقت بهن «الحياة» في المبنى، أن ما كان يقوم به الرجل، من إنهاء المعاملات في الأحوال المدنية، سيأتي يوم وتنهيها المرأة بنفسها، ومن دون الحاجة إلى الرجل. ويستقبل القسم النسائي، يومياً، نحو 75 إلى مئة سيدة. ولكن ليس كلهن حضرن إلى هنا لاستخراج البطاقة فقط، إذ حضرت سيدة لإضافة مولودتها الجديدة إلى بطاقة العائلة. وأخرى من أجل الحصول على نسخة من بطاقة العائلة الخاصة بزوجها، كي تتمكن من إدخال ابنتها المدرسة، لأن الأب يحتجز الأوراق الثبوتية، عناداً للأم. واللافت أن من بين المراجعات سيدة حضرت لاستخراج بطاقة أحوال لشقيقها الوحيد، وهو من ذوي الاحتياجات الخاصة. أما ابن ال17، فكانت مشكلته أن والده هجر أمه منذ طفولته، فحضر بصحبة أحد المشايخ، إلا أن المسؤولين في الأحوال المدنية أبلغوه أن باستطاعة والدته أن تستخرج له بطاقة، إن كانت هي تحمل البطاقة الشخصية، ومن دون تعقيدات، حضرت الأم مع ولدها، لاستخراج البطاقة. وجميعهن أكدن أن حصولهن على البطاقة سهلّ لهن الكثير من الأمور والإجراءات. بدوره، أكد المدير العام للأحوال المدنية في المنطقة الشرقية محمد العواص، أن «المرونة في التعامل مع المراجعين عموماً، والسيدات خصوصاً، تأتي تسهيلاً على المواطنين، انطلاقاً من توجيهات النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية الأمير نايف بن عبد العزيز، بالتسهيل على المواطنات، من خلال القيود المُسجلة». وأوضح العواص، أن استخراج البطاقة الشخصية للمرأة «ليس أمراً إجبارياً، وإنما اختياري. ولكن الفوائد التي تعود عليها من ذلك؛ جعلت المرأة تُقبل على استخراجها، إذ يكتظ القسم النسائي يومياً في السيدات»، مستدركاً أن «الوضع هناك أشبه ما يكون باستنفار، ولكنها ستخمد حالما تحصل الغالبية العظمى من النساء على البطاقة، لنعود إلى الوضع المستقر». وذكر أنه «على رغم صغر مساحة القسم النسائي، إلا أنه يلبي حاجات السيدات، مع منحهن مواعيد في حال عدم إنهاء الإجراءات في اليوم ذاته»، مبدياً أسفه «لعدم وجود مساحات إضافية، لتوسعة القسم». وأشار إلى أن حصول المرأة على البطاقة الشخصية «سهلّ عليها الكثير من الأمور، ومنها مراجعات الأجهزة الحكومية والخاصة، والمصارف، وبخاصة في القطاعات التي تتوفر فيها عناصر نسائية، إضافة إلى حفظ حقوقها من الضياع، ففي السابق كان في استطاعة ولي الأمر أن يتسلم الحقوق المالية الخاصة بزوجته أو ابنته أو أخته. أما بعد حصول المرأة على البطاقة؛ فشعرت باستقلاليتها». وقال: «هناك مُطلقات أو أرامل، بحاجة لاستخراج أوراق رسمية، للاستفادة من مساعدات الضمان الاجتماعي، أو من الجمعيات الخيرية، أو لإدخال أبنائهن المدرسة»، مؤكداً أنه «باستطاعة الأم التي تملك بطاقة شخصية أن تستخرج بطاقة هوية لابنها الذي أكمل السن النظامي، إن كان الأب متغيباً، أو متوفى، أو من ذوي الاحتياجات الخاصة، وحينها يمكن للمرأة أن تراجع القسم النسائي، وتستخرج بطاقة لابنها. والبعض الآخر من السيدات يحضرن لاستخراج شهادة ميلاد لمواليدهن، وأيضاً في حال كان لديها بطاقة شخصية».