شارك الفرنسيون أمس، في الدورة الاولى للانتخابات الاشتراعية التي تجرى بعد شهر من فوز الاشتراكي فرنسوا هولاند بالرئاسة، منهياً بذلك ثلاثة عقود من سيطرة اليمين على قصر الاليزيه. وفي وقت حسم الاشتراكيون تقدمهم في الانتخابات النيابية، وبدأوا في دراسة تحالفاتهم المحتملة مع سائر قوى اليسار داخل البرلمان، بدا الوسط أكبر الخاسرين في المعركة التي تحولت الى تنافس على مقاعد المعارضة، بين اليمين التقليدي الحاكم سابقاً والجبهة الوطنية (اليمين المتطرف)، وهو الامر الذي لن يحسم بالكامل قبل الجولة الثانية للانتخابات المقررة الاحد المقبل. وشكلت النسبة القياسية للامتناع عن التصويت السمة الابرز لهذه الدورة الانتخابية الاولى، اذ بلغت 42 في المئة، مقارنة مع 39 في المئة مع انتخابات العام 2007 والتي كانت بدورها اعتبرت قياسية. وادى هذا الامتناع الى تاثير واضح على صعيد النتائج التي اسفرت عنها الدورة الاولى، واعتبر ان مرده من جهة الى شعور بعض الناخبين بان نتيجتها محسومة سلفا الى حد ما، وايضا الى البعثرة التي اتسمت بها حملة اليمين الفرنسي المنقسم على نفسه منذ هزيمته في الانتخابات الرئاسية الاخيرة، ما حال دون عقد القيادات اليمينية لاي مهرجان انتخابي موحد. في المقابل التزم هولاند وحكومته الحذر الشديد خلال الشهر الذي فصل بين الانتخابات الرئاسية والتشريعية، حفاظا على الزخم الانتخابي المؤاتي للرئيس الجديد وترجمته الى مقاعد برلمانية. ما قد يترجم خسارة محتملة لقوى غير تقليدية كانت تراهن على تحقيق اختراقات في الانتخابات. وشكلت الانتخابات رهاناً مصيرياً بالنسبة الى زعيم حزب الوسط فرنسوا بايرو الذي سجل تراجعاً في الانتخابات الرئاسية، ووجد بايرو نفسه مهدداً بخسارة المقعد النيابي الذي يشغله في منطقة بيرينيه اتلانتيك منذ العام 1986. ما جعل مقربين منه يعبرون عن مخاوفهم من ان غيابه عن البرلمان سيثير «مشكلة للديموقراطية»، وذلك لغياب قوة الوسط بما لذلك من مدلولات سياسية. ولا تبدو زعيمة الجبهة الوطنية مارين لوبن في موقع افضل اذ تواجه منافسة حادة، لا تبدو لمصلحتها، في حين تأمل الجبهة الغائبة عن البرلمان منذ 1988، في الفوز بمقاعد في معاقلها القوية في جنوب شرقي فرنسا أو في الشمال. لكن ذلك ما زال بعيد الاحتمال بسبب نمط الاقتراع الذي يعتمد نظام الغالبية في دورتين ويجعلها تدفع ثمن عزلتها السياسية. وتجد لوبن نفسها في معقلها اينان - بومون (شمال) في مواجهة زعيم اليسار الراديكالي جان لوك ميلانشون الذي يسعى للتعويض عن فشله في التقدم على زعيمة اليمين المتطرف في الانتخابات الرئاسية. وفي حال لم تنجح في الحصول على مقاعد نيابية، تأمل «الجبهة الوطنية» في اثبات وجودها رمزياً، في اكبر عدد ممكن من الدوائر لتثير جدالاً حول «اعادة تركيبة اليمين» الذي قد يسعى قسم منه محلياً الى التحالف معها ضد اليسار. لكن ارتفاع نسبة الامتناع عن التصويت، يحصر حالات التنافس «الثلاثية» لتقتصر في نهاية المطاف على بضعة عشرات من المرشحين، لأن أي مرشح يجب أن يحصل على أصوات 12,5 في المئة من الناخبين المسجلين على الأقل ليمر الى الدورة الثانية.