يبدي المنسق المقيم لنشاطات الأممالمتحدة في لبنان والممثل المقيم لبرنامج الأممالمتحدة الإنمائي في لبنان روبرت واتكنز ارتياحه إلى الاتفاق الذي وقع قبل أيام بين الأممالمتحدة وبين السلطات السورية لتقديم المساعدات الإنسانية داخل سورية. واتكنز الذي أضيفت إلى مهماته مهمة «منسق الشؤون الإنسانية للأمم المتحدة في لبنان» وتتعلق بمساعدة النازحين السوريين إلى لبنان، وعاد لتوه من جنيف حيث شارك في اجتماع لمجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة حول الأزمة السورية، رد في حديث إلى «الحياة» أهمية الاتفاق إلى أنه «يخول الأممالمتحدة مساعدة سورية داخل سورية لأن الأمر أكثر فاعلية وأقل كلفة ويمنع بروز مشكلات في الدول الجارة لسورية». وتحصي دوائر الأممالمتحدة المعنية عدد النازحين السوريين إلى الدول المجاورة ب 78137 نازحاً موزعين في تركيا ولبنان (26 ألف نازح) والعراق والأردن. وتتجاوز مهمة واتكنز كما يقول «متابعة قضايا النازحين، إلى متابعة الظروف المحيطة بتأمين المساعدات الإنسانية للنازحين داخل لبنان، كما كان الأمر في حرب 2006 حين كان المسؤول عن الشؤون الإنسانية معنياً أيضاً بظروف الناس الذين تأثروا بالحرب، وحالياً نحن نتابع ما يحصل في طرابلس ولا سيما الاشتباكات التي تحصل بين جبل محسن وباب التبانة وعمليات الخطف وتجاوز الحدود لذا نحن نراقب الوضع عن كثب وحالياً أكبر مشكلة إنسانية تواجه البلد هي مشكلة النازحين». والاتفاق الذي جرى التوصل إليه مع السلطات السورية استغرق أشهراً عدة من المفاوضات، ما يخول الأممالمتحدة استئناف مساعدة قدمت في آذار الماضي داخل سورية وقبلها في آذار من العام الفائت. ويشير واتكنز إلى أن المفاوضات شملت «مواقع تمركز المكاتب الميدانية، وأي مناطق تعتبر الأكثر تأثراً بالأزمة، وتقرر أن تكون في دير الزور وإدلب وحمص ودرعا. وستشمل تقديماتها مليون نسمة نعتبرها الأكثر تأثراً بالأزمة وبحاجة إلى المساعدة، وخلال الأشهر الأخيرة تمكنا مثلاً من توزيع أغذية على نحو 250 ألف نسمة ونتوقع هذا الشهر أن نوزع لنصف مليون شخص والحاجة ملحة لتأمين إعانات صحية ومواد تنظيف». ويصف واتكنز أوضاع الناس المستهدفين ب «السيئة جداً وهذا نعرفه في الحملة الأولى من المساعدات ونعتقد أنها ازدادت سوءاً الآن، فالوضع الاقتصادي سيء وأسعار الغذاء زادت بنسبة 60 في المئة عما كانت عليه السنة الماضية وتردت خدمات الكهرباء والتدفئة. لكن مشكلتنا الأساسية كانت في كيفية الوصول، والآن مع هذا الاتفاق مع السلطات السورية نكون حلينا هذه المشكلة، فهم وافقوا على إصدار تأشيرات دخول لفريق العمل الذي نحتاجه». وعما إذا أرفق الاتفاق بشروط سورية معينة لتقديم المساعدة، نفى ذلك، وقال: «كنا واضحين منذ البداية، أن مساعدتنا غير متحيزة وهي لكل من يحتاجها لأي عرق أو دين أو مجموعة سياسية انتمى، وكنا متفقين على ذلك». مشكلة التمويل والحاجة إلى تسريع عملية إغاثة السوريين في الداخل يبدو أنها ملحة جداً لكنها تتوقف كما يقول واتكنز على المانحين ويقول: «وجهنا نداء إلى المانحين، طلبنا 180 مليون دولار لستة أشهر وتلقينا حتى الآن 20 في المئة من التمويل ومعظمها صرف. لذلك في الاجتماع الأخير وجهنا نداء ملحاً للمانحين لزيادة مساهماتهم وأعتقد أن المانحين كانوا في انتظار الاتفاق الذي توصلنا إليه مع السلطات السورية قبل إعطاء مساهماتهم ونتوقع خلال الأسابيع المقبلة أن نتلقى الأموال علماً أن المواقف من النداء كانت مرحبة ومتعاونة من أميركا وكندا وألمانيا والاتحاد الأوروبي لكن لدينا مخاوف من أننا لا نستطيع المضي في المساعدة ما لم نحصل على الأموال، وما نفعله الآن هو زيادة فريق الأممالمتحدة الذي سيعمل داخل سورية ونحاول الحصول على مساعدة من منظمات دولية غير حكومية». وكشف عن أن «السلطات السورية أظهرت انفتاحاً تجاه هذه المساهمة، وحتى الآن لدينا تسع منظمات دولية ونبحث عن المزيد للمشاركة، كما أعطت الموافقة على بعض المنظمات المحلية للعمل معنا علماً أنها في السابق كانت توافق على أن نعمل مباشرة مع السلطات الرسمية، والصليب الأحمر السوري يقوم بعمل ممتاز لكنه لا يملك القدرات الكافية لمواجهة الحاجات المتزايدة للناس». السلطات السورية كانت تنكر الأزمة وأعرب عن اعتقاده بأن الاتفاق الذي وقع «بمثابة اختراق، لأن السلطات السورية كانت في حال نكران لوضع الناس وأعتقد أن من خلال الاتفاق هناك اعتراف بأن الأمر جدي وأن تداعيات الأزمة السورية حادة وتؤثر في قسم كبير من الشعب، علماً أن السلطات السورية كانت خلال المفاوضات حول مسودة الاتفاق تصر على وجوب مساعدة 23 مليون شخص لأن جميع الشعب السوري تأثر بالعقوبات الدولية على سورية وليس بالأزمة السورية، وهذا صحيح فالعقوبات تؤثر في الشعب بالتأكيد ولا يمكن نكران ذلك، لكن لا نستطيع أن نفعل شيئاً إزاءها، هذا واقع سياسي علينا التعامل معه وعلينا التوجه إلى الأشخاص الأكثر حاجة ونمنح المساعدة لهم». وعن تسارع الأحداث الأمنية في سورية والمجازر التي تتكرر واحتمال زيادة الحاجة إلى المساعدة، قال واتكنز إن «من الصعب علينا التعامل مع هذا النوع من الأمور لأنها قضايا سياسية وتتعلق بعمل الموفد الدولي كوفي أنان الذي توجه إلى مجلس الأمن أمس، وقدم مطالعة وطالب المجتمع الدولي بأن يكون صوتاً واحداً تجاه ما يجري في سورية ووجه برفض بعض الأصوات لاتخاذ إجراءات جديدة بحق النظام السوري ونأمل بأن تنفذ خطة أنان بالكامل وحتى الآن لم تنفذ، وعلى مجلس الأمن أن يتوحد لوضع المزيد من الضغط على النظام». وعن الضمانات لحماية فريق الأممالمتحدة داخل سورية، قال: «لا بد من الاعتراف بأن العمل داخل سورية تشوبه الخطورة ونعول على المساعدة من السلطات السورية لتأمين الحماية للفريق الدولي ومن خلال علاقاتنا الوطيدة مع المجتمع المدني السوري كفريق محايد، سنقوم بعملنا بالتعامل مع كل قضية بقضيتها وكل يوم بيوم، متى نستطيع الوصول إلى مكان ما ومتى لا نستطيع، ونحاول الحصول على أفضل المعلومات والضمانات لعملنا من كل الأطراف في النظام وفي المعارضة، نعلم أننا سنواجه تحديات كثيرة في الوصول إلى كل أجزاء البلد التي تواجه أزمات مفتوحة، رسمياً نحن سنعمل مع السلطات السورية لكن من الواضح إذا أردنا الوصول إلى مكان تسيطر عليه المعارضة فان علينا أن نتعامل معهم أيضاً». وأكد واتكنز الحاجة إلى زيادة عدد الفريق الدولي العامل في سورية، مشيراً إلى أن «السلطات السورية كانت ترفض إعطاء التأشيرة لبعض الجنسيات، نعرف ذلك، لكننا نناقش معهم وأعطونا كلمتهم بأنهم سيسهلون مسألة التأشيرة». ويتوقع واتكنز أن تزداد المشكلة الإنسانية تعقيداً في سورية وأن تتجاوز المساعدة «المليون نسمة، إذ أنه بحسب ما تجري الأمور نتوقع تصاعداً للأزمة وعندما تدخلنا في آذار (مارس) العام الماضي كان العدد صغيراً جداً وفي آذار الماضي صار مليوناً والآن في حزيران (يونيو) نتوقع أن يكون أكبر من مليون. لكن بما أننا لم نتدخل منذ آذار تبقى الأرقام تخمينات. وعندما نصبح متواجدين على الأرض ونفتح مكاتب لنا نكون أكثر دقة». وأشار إلى أن المساعدات «ستشمل المستشفيات أيضاً لذا من المهم أن نفتح المكاتب الميدانية لأن هذه المستشفيات تفتقر إلى المواد الطبية وهناك نقص فيها، نعلم أن هناك جرحى لا يطببون لأنهم في المعارضة ونعلم أن أشخاصاً في الجسم الطبي طببوا مثل هؤلاء الجرحى ثم تعرضوا لمشكلات، لذا نعتقد أن وجودنا بالقدر الممكن من شأنه أن يساعد الناس، نعلم أننا لا نستطيع منح الحماية مئة في المئة لكن نراقب ونسجل». تواجد الحكومة مع نازحي البقاع مهم وأشار إلى أن «معظم المساعدات ستنقل إلى سورية من طريق الأردن وثانياً من تركيا، ومن المانحين لهذه المساعدات الكويت وقطر والسعودية والإمارات، أما الدول المانحة للمساعدات إلى لبنان فهي الكويت وقطر. وتأتي المساعدات مباشرة إلى لبنان والسلطات هنا متعاونة ورئيس الحكومة أيضاً وكلما واجهنا عائقاً يساعدنا هو والهيئة العليا للإغاثة على الأقل في الشمال ونطلب تفويضاً للعمل في البقاع غير المشمول بموضوع النازحين رسمياً. كان هناك اعتراض من قبل بعض السياسيين على إعطاء لبنان المساعدات للنازحين السوريين، لكننا نحاول أن نقنع كل الأطراف بأن مصلحة لبنان أن يكون على تواصل مع كل المناطق التي فيها نازحون من أجل السيطرة على المشكلة، فهناك في البقاع مثلاً جمعيات لا أحد يعرف عنها شيئاً ماذا تفعل، وماذا تقدم، على عكس الشمال حيث الدولة موجودة، ومن الأفضل أن تكون الدولة حاضرة على مستوى المساعدات». ويؤكد واتكنز أن ما هو متوقع مواجهته في سورية لا يختلف عما واجهته فرق الإغاثة الإنسانية في بلدان أخرى مثل العراق وأفغانستان، حيث على سبيل المثال تمنع حركة «طالبان الأممالمتحدة من إعطاء مساعدات طبية للناس وأحياناً يهاجمون قوافل الأممالمتحدة للإغاثة والفرق الطبية، وما نعول عليه التردد في الإساءة إلى شخص أجنبي لأن ذلك له تبعات دولية وردود فعلية سياسية وعسكرية واقتصادية أو غيرها لذلك الأمر أكثر تعقيداً. وبوجودنا يمكن أن نشكل نوعاً من الدرع لحماية الناس، لكن عند خروجنا الناس تصبح غير محمية. الخوف هو من التواجد في الوقت الخطأ والمكان الخطأ، لكن بالنسبة إلينا، لدينا اتفاق وهذا يعني أن الحكومة مسؤولة فنحن نساعدها ولسنا مستقلين».