صعّدت المعارضة الألمانية من انتقاداتها لصفقة بيع غواصات حديثة إلى إسرائيل يمكن تجهيزها لاحقاً بسلاح نووي، وطالبت المستشارة أنغيلا مركل بوقف تسليم الغواصات الأخرى إلى الدولة العبرية حتى توافق الأخيرة على التزام الشروط المنصوص عليها في الاتفاقات الموقعة. وقال الناطق باسم الكتلة النيابية للحزب الاشتراكي للشؤون الدفاعية راينر أرنولد أمس، إن أي اتفاق يوضع يُقر من طرفين، «وما يغضبني هو أن إسرائيل لا تلتزم بما وافقت عليه». وأوضح في حديث مع صحيفة «فايننشال تايمز دويتشلاند» الألمانية، أن الحكومة الإسرائيلية التزمت خلال إقرار صفقة الغواصة السادسة أخيراً من نوع «دولفين»، العمل على تغيير سياستها الاستيطانية والسماح للحكومة الألمانية ببناء معمل للصرف الصحي في قطاع غزة، كما دعت الناطقة باسم الكتلة النيابية لحزب الخضر كاتيا كويل، وهي خبيرة سلاح، الحكومة الألمانية «إلى وقف التسليم حتى تتحقق الشروط التي وضعتها مركل». وبعد أن ذكرت أن «من غير المقبول تجاهل كلمات المستشارة بمثل هذه السهولة»، لفتت إلى أن من الصحيح أن الاتفاقات الموقعة سرية، «لكن إسرائيل أكدت خلال التوقيع النهائي عليها أن الغواصات ستستخدم استخداماً تقليدياً»، أي ستبقى من دون تجهيز إضافي. ورأى مراقبون سياسيون أن استمرار الانتقادات السياسية الموجهة إلى صفقة الغواصات، وانتقال المطالبة من تقديم إيضاحات شفافة عنها إلى وقف تسليمها في حال لم تلتزم إسرائيل وعودها، يضع الحكومة الألمانية أمام موقف حرج جداً. ولم يحصل في تاريخ العلاقات الحساسة بين البلدين أن طالب طرف سياسي ألماني علناً، وبمثل هذا الحزم والوضوح، بممارسة نوع من الاقتصاص أو الضغط المباشر على الدولة العبرية. وكشفت مجلة «دير شبيغل» الألمانية في عددها الأخير، أن الحكومات الألمانية المتعاقبة كانت على علم منذ بدايات الصفقة بأن الإسرائيليين يقومون بتجهيز الغواصات المسلّمة بمنصات صواريخ تحمل رؤوساً نووية، لكنهم تصرفوا وكأنهم لا يعرفون شيئاً عن الأمر. واعتبر معلقون ألمان أن بلدهم «يتحمّل مسؤولية مشتركة» عن نشر السلاح النووي في الشرق الأوسط، خصوصاً بين إسرائيل وإيران، علماً أن السياسة الرسمية لألمانيا تدعو إلى إزالة جميع الأسلحة النووية والفتاكة. وطالب ممثلون عن الحزبين الألمانيين المعارضين الحكومة «بوضع كشف كامل» عن صادرات الأسلحة الألمانية إلى الخارج، رافضين أن يحدد مجلس الأمن القومي وحده في جلسات سرية يحضرها عدد ضيّق من الوزراء والعسكريين، الدول التي ستحصل على سلاح ألماني. وإذ دعا العضو الاشتراكي في لجنة التسلح النيابية ميخائيل غروشيك الحكومة إلى «وضع جميع الأوراق على الطاولة»، قالت كويل إن حزبها يطالب «بفرض رقابة نيابية على صادرات السلاح بعد تحديد معايير واضحة». ونقلت الصحيفة الألمانية عن سفير إسرائيل السابق في ألمانيا شيمون شتاين اتهامه لمجلة «دير شبيغل» ب «متابعة حملة (الكاتب الألماني الحائز على جائزة نوبل للسلام) غونتر غراس من أجل إظهار إسرائيل بمظهر شيطاني». وكان غراس انتقد في قصيدة نثرية نُشرت له في نيسان (أبريل) الماضي حصول إسرائيل على غواصات ألمانية يمكن استخدامها نووياً، مشيراً إلى أن الدولة العبرية «تمثّل الخطر الأكبر على السلم العالمي».