منيت الحكومة المسيحية - الليبيرالية للمستشارة الألمانية أنغيلا مركل بهزيمة تاريخية الأحد في انتخابات برلمان ولاية بادن - فورتمبيرغ أمام حزبي الخضر والاشتراكي الديموقراطي اللذين نالا أكثرية نيابية ستمكنهما من تشكيل حكومة ائتلافية للمرة الأولى منذ 58 سنة. وكانت الولاية الواقعة جنوب غربي البلاد، تُعتبر على مدى العقود الماضية حصناً منيعاً للحزب الديموقراطي المسيحي، أو بالتحالف أحياناً مع الحزب الليبيرالي. وجاء الفوز التاريخي لليسار في معقل اليمين المحافظ، على خلفية اشتداد المعارضة للمفاعلات النووية المولّدة للطاقة، بعد المخاوف الضخمة التي نجمت من كارثة اليابان. كما تمكن الحزبان اليساريان من الفوز في انتخابات برلمان ولاية راينلاند - بفالتس الواقعة في الغرب أيضاً، والتي كان يسيطر عليها الاشتراكيون. وأجمع مراقبون على أن فوز الخضر في بادن - فورتمبيرغ أحدث زلزالاً سياسياً وانتخابياً يُعتبر سابقة، فيما تحدث آخرون عن «معجزة خضراء» ستمكّنهم للمرة الأولى في تاريخهم من قيادة أول ولاية وتشكيل أول حكومة محلية برئاسة رئيس حكومة أخضر. وقال ناطق باسم حزب الخضر: «إنه حلم تحوّل الى حقيقة، لم نكن لنحلم أبداً بمثل هذه النتيجة قبل أيام». وتُعتبر بادن - فورتمبيرغ ثاني أغنى ولاية ألمانية بعد بافاريا، ومركزاً صناعياً بارزاً لعدد من أضخم مصانع البلاد وشركاتها، مثل «دايملر - بنز» و «بورشه» و «بوش». وأدى قرار اتخذته حكومة مركل قبل شهور، بتمديد عمل المفاعلات النووية ل17 محطة، على رغم المخاوف الناجمة من خطر حصول كارثة نووية بسبب تقادم العديد منها، إلى إثارة مخاوف الرأي العام الألماني الذي عبّر عنه الناخبون في الولايتين. وعشية الانتخابات، تظاهر 250 ألف شخص السبت الماضي في أربع مدن كبيرة، بينها برلين، ضد السياسة النووية لحكومة مركل. واستفاد حزب الخضر إلى حد كبير جداً من هذا الخوف، باعتباره المبادر الأول والأقدم بين جميع الأحزاب في البلاد للتخلي عن الطاقة النووية وإيجاد بديل منها في الطاقات المتجددة. وضاعف الحزب أصواته في الولاية عن انتخابات عام 2006، بحصوله على 24,2 في المئة، فيما حصل الحزب الاشتراكي الديموقراطي على 23،1 في المئة، وبالتالي على 71 مقعداً في مقابل 67 للحزب المسيحي وحليفه الليبرالي. واعترفت مركل بهزيمتها الانتخابية المرّة، عازية إياها إلى الكارثة النووية في اليابان، لكنها شدّدت على التمسك بالطاقة النووية بوصفه معبراً موقتاً إلى الطاقات المتجددة، وبخطتها القاضية بمراجعة أوضاع المحطات النووية ال17 في البلاد، لتحديد أهليتها وتقرير مصير بعضها، خصوصاً المحطات السبع التي أوقف العمل فيها قبل أسبوعين لوضعها تحت مراقبة دقيقة. ويُجمع مراقبون على أن هذه المحطات لن تعاود العمل، بسبب تقادمها ومخاطرها المتزايدة. وإذ اعتبرت صحيفة «ميونيخ» أن «الاتحاد المسيحي الديموقراطي» «غرق في أزمة هوية حادة»، كتبت مجلة «دير شبيغل» أن «الاتحاد ليس لديه أحد، وسيبقى متمسكاً بمركل على الأقل حتى الانتخابات الفيديرالية المقبلة عام 2013». وأقر وزير الخارجية غيدو فيسترفيلله، رئيس الحزب الليبيرالي، ب «النتائج المخيبة للآمال»، وبخروج حزبه من برلمان ولاية راينلاند - بفالتس. وقال: «سياسة الطاقة كانت موضوعاً حاسماً في هذه الحملة. كان ذلك بمثابة اقتراع على مستقبل الطاقة النووية، وأدركنا الأمر وسنناقشه في برلين». وفيما نفى الناطق باسم الحكومة الألمانية شتيفان زايبرت «أي كلام عن تعديل قريب في الحكومة الاتحادية»، أرجأت القيادة الليبيرالية مسألة استقالة بعض المسؤولين المباشرين عن الهزيمة، على رغم الأصوات المرتفعة داخل حزبي الائتلاف الحاكم لتحميل هؤلاء المسؤولية.