تتفاعل مسألة تزويد ألمانيا إسرائيل غواصات حديثة، يمكن تجهيزها لحمل رؤوس نووية، على المستوى السياسي في ألمانيا بعدما كشفت مجلة «دير شبيغل» عن أن الحكومات المتعاقبة لزمت الصمت حيالها على رغم علمها به منذ أكثر من عشرين سنة. وأثنى رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتانياهو على ألمانيا في هذا المجال معتبراً في حديث أدلى إلى صحيفة «بيلد» أن الغواصات «مهمة جداً لأمن لإسرائيل». وإذ قال نتانياهو للصحيفة إن غواصات «دولفين» تشكل «إضافة مهمة للأمن الوطني الإسرائيلي» لفت إلى أن برلين «أكدت أخيراً التزامها أمن إسرائيل من خلال التوقيع على بناء غواصة سادسة لاسرائيل». ولم يتطرق نتانياهو في حديثه إلى مسألة تسليح هذه لكنه شدد على أن إسرائيل «لن تطلب أبداً من أي بلد القتال من أجلها». وقال: «أن نصبح قادرين على الدفاع عن أنفسنا بأنفسنا ضد أي تهديد نجاح كبير للدولة اليهودية». وتابع أنه يقدّر كثيراً قلق ألمانيا على أمن إسرائيل، «لكنني مع تشرشل في قوله: أعطونا الأدوات، ونحن قادرون بعد ذلك على الدفاع عن أنفسنا». وذكر التقرير السنوي الصادر أخيراً عن معهد بحوث السلام في استوكهولم أن الترسانة النووية الإسرائيلية الحالية تقدّر بثمانين رأساً نووياً. وجددت أحزاب المعارضة الالمانية مطالبة الحكومة بتقديم إيضاحات شفافة حول صفقة الغواصات والخروج عن صمتها. وفيما ذكر حزب الخضر أن إسرائيل لم تلتزم باتفاقها مع حكومة المستشارة أنغيلا مركل لجهة وقف الاستيطان والعودة الى التفاوض بجدية مع الفلسطينيين لحل أزمة الشرق الأوسط جدّد حزب اليسار رفضه التام لتصدير السلاح الألماني إلى دول أخرى. وقال رئيس الكتلة النيابية للحزب غريغور غيزي إن العلاقات الخاصة مع إسرائيل «تبرر الكثير من الأمور، إلا أنها لا تبرر إطلاقاً تسليم نظام أسلحة مثل الغواصات». لكن رئيس لجنة الشؤون الخارجية في البرلمان النائب المسيحي روبرت بولنتس رفض الانتقادات الموجهة إلى حكومته مشيراً إلى أنه لا يعتقد بأن ألمانيا «في وضع يسمح لها بوضع شروط على مساعدتها العسكرية لإسرائيل». كما نفى أن تكون مركل اشترطت على تل أبيب حصول تقدم في المفاوضات مع الفلسطينيين للموافقة على بناء الغواصات، بل تمنّت حصول ذلك. لكن السفير الإسرائيلي الأسبق في ألمانيا آفي بريمور كشف في مقابلة مع القناة التلفزيونية الألمانية الثانية «زد دي إف» أن كبار المسؤولين الألمان الذين التقاهم للبحث في صفقة الغواصات «تصرفوا دائماً وكأنهم لا يعرفون ولا يفهمون» القصد النهائي من هذه الغواصات. وأشار إلى أن الحكومة الألمانية فرضت «صمت القبور» على هذه القضية. وبرر النائب الاشتراكي السابق كارستن فوغت، منسق العلاقات الألمانية الأميركية لسنوات عدة، الصمت قائلاً إنه لو سأل المسؤولون الألمان عن مقصد الإسرائيليين النهائي وأجاب هؤلاء بالحقيقة لكان على الحكومة الألمانية تبرير نفسها أمام الرأي العام»، الأمر الذي لم تكن تريده. وفي تعليق له في موقع «شبيغل أونلاين» حمّل ياكوب أوغشتاين ابن مؤسس مجلة «دير شبيغل» الراحل رودولف أوغشتاين ألمانيا مسؤولية مشتركة عن التسلح النووي الجاري في الشرق الأوسط بين إسرائيل وإيران. وذكر أن الكاتب الألماني الحائز على جائزة نوبل للسلام غونتر غراس «على حق عندما حذر قبل أسابيع في قصيدة له من الخطر النووي الذي تشكله إسرائيل على منطقة الشرق الأوسط علماً أنه لم يكن مطلعاً بعد على حجم المشاركة الألمانية فيه» الذي كشفته مجلته.