نظريات كثيرة تلك التي يحفظها ذلك الشاب الطموح، أو تلك الحكيمة المتأملة، وتتردد باستمرار لكنها شيء وحصولها بمعيار التجربة والخطأ، ومن ثم معاودة النهوض أمر آخر، لأنه في معيار الحياة مستوى فرز الضغوط وتصاعد وتنازل النوازل التي تتولى اختبار إصرار الراسم لهدفه ومدى قوة عضده الذي يمسك بتشبث محبرة الرسم ليكمل صورة أحلامه، منَّا معشر الشباب من ينكسر قلمه ونفسه قبل قلمه، فيذوب أشلاءً متفرقة بين موجات الحياة التي اختبرت تماسكه فتمزق، ومِنّا معشر الشباب من إن زادته النوازل جفاءً زادها جدباً بجدب، يتمايز بالرد العكسي على الحياة، فيقسو على نفسه ويُشربها مآلات النسيان الوهمي، ويطرق لضيق ذات الأمل بحياته أبواب الإدمان. التحمل طاقة، والأمل ليس مثالية ولا ترنيمة يرددها من لم يجرب، لأن الإنسان ليس مستثنى بشكل عام من الكَبَد، شرياننا كشباب أن نرى نجاحُنا ينطق بديلاً عنا، والحُلم المتقد المستعر ناراً بداخل الحالم العامل من أجل هدفه منا هو برد التحفيز وسلام التجربة، برداً وسلاماً، لتنضج الأحلام وتكون واقعاً ينهض بالمجتمع الذي احتفى بها منذ بزوغ علامات حملها. نعم نحتاج كشباب لأكثر من كتاب، لأكثر من سيرة ذاتية ماتعة، لأكثر من تجربة، ولشفافية أثناء عرض الأخطاء والإجابات عن معظم الأسئلة التي تستجد بذهن حجرة المنطق فينا، ونحتاج ذلك يعني أننا نعوزه ولا بديل عن تجارب كل من حارب وهادن في مجاله وسار ثم وصل لمناه. لنقل إن هذا حق على كل من «حقق هدفه»، لنا أن تتصافح العقول وتتلامس التجارب بين دفات كتاب، أو في حديث مذاع شفاف هو الثمرة التي تُلقى داخل الغب لتؤتي أُكُلها ولو بعد حين. كان هذا لزاماً لعاشق يصبو لهدفه أن يستصبر فيمن سبقه الطريق لخطبة الهدف، لكن لا يُعذَر العاشق إن تقاعس ريبة الطريق المجعد والجدران المعترضة وطول المسير! ستهفو قلوب ينطق عنها لسان الحال يقرر: كلام جميل ولكنه نظري، وأقول: إن لم يتعلم الشاب كيف يعشق هدفه فهو سيتمزق عند أقرب نازلة لا ينتظر أن يتعب من أجل هدفه، بل إن يعشق هذا الهدف وليس غير العاشق أقل اشتراطاً وأكثر إصراراً، وأقل يأساً سيمته اليقين بما يريد. وهكذا تُصنع الحضارات، هكذا يصل المسافر ليعانق نجمه الذي نافح وهاجر إليه: «أن يعشق الشاب هدفه» ولو لم يجد الأدوات ولا العدة ولا حتى من يحدثه عن الطريق، يكون الرسم الدقيق نبراسه، ونسيان المرارة فانوسه، وصورته وهو في الهدف وقوده الذي يوقظ خبو السير فيه إن أبطأ. «لا شيء يتحول تماماً إلى حقيقة ثابتة سوى التجربة، فلتجعل تجاربك جديرة بأن تذكرها وتتحقق». [email protected]