يعد حي الحرازات شرقي جدة مثالاً واضحاً للعشوائية، فالمكان لا تتوافر بداخله مقومات الخدمات الأساسية، وعلى رأسها الكهرباء باعتبار مخططاته السكنية غير رسمية لعدم وجود تصاريح المؤسسات الحكومية المعنية. والإنسان الذي يقطن الحي دخل برضاه في قائمة «العشوائية» جراء بحثه عن سكن بسعر مناسب في ظل ارتفاع أسعار العقارات في عروس البحر الأحمر، لكنه وجد نفسه أخيراً، يواجه انبعاثات سامة، ومشروع تطوير سيبدل وجه الحي من حال إلى حال، ولا يمكن نسيان ما خلفته كارثة جدة من بصمة في نفوس وأذهان الساكنين. ولا تقتصر مشكلات سكان الحي على «عشوائية» حيهم المستهدف ضمن مشاريع تطوير الأحياء العشوائية، لكنها تزداد إثر مخاوف من كارثة بيئية جراء مرمى النفايات المجاور للحي، والذي شهد اندلاع حرائق عدة في الأشهر الأربع الماضية، ما دفع الأهالي إلى شكوى أمانة جدة إلى الجمعية الوطنية لحقوق الإنسان. ويوضح المواطن محيسن عابد في حديثه ل «الحياة» أن أبرز المشاكل التي يواجهه السكان تتمثل في التوزيع غير العادل للكهرباء، والافتقار إلى وجود آلية واضحة في إيصال الخدمات. وقال عابد إن السكان فقدوا ثقتهم في المؤسسات الحكومية المعنية بإيصال الخدمات جراء تجاهلها مطالبهم وزياراتهم المستمرة إليه لإعادة النظر في وضع الخدمات المتوفرة بالحي. من جهته، بين المواطن ناصر اليزيدي ل «الحياة» أنه شيد منزله منذ خمسة أعوام، لكنه حتى الآن ينتظر وصول الكهرباء في ظل رفض أمانة جدة منحه تصريحاً للحصول على التيار من الشركة باعتبار أن منطقة البناء التي تحتوي منزله تقع في مخطط غير معتمد. ويؤكد المواطن سليم رداد، أن «المخطط الذي أقطنه أغلب سكانه من ذوي الدخل المحدود لم يجدوا أمامهم سواه بعد سيطرة كبار تجار العقار على أغلب مخططات جدة، واضعين أرقاماً فلكية لا يستطيع صاحب الدخل المحدود من مجاراتها في ظل ارتفاعها المستمر والمتزايد». ويحمل رداد أمانة جدة مسؤولية السماح بالبناء في المناطق العشوائية غير المخططة وبصمتها، مضيفاً « وعندما تورط ذوو الدخل المحدود ببناء منازلهم، امتنعت البلديات عن تقديم الخدمات، وتركتهم يتحسرون على أموالهم التي ذهبت سدى». ويتحدث سعيد راجي ل«الحياة» عن معاناة أخرى للقاطنين تتمثل في انعدام خدمات النظافة، مضيفاً «نحن بحاجة لخدمات النظافة التي ليس لها وجود فعلي، ولا تعدو كونها عنواناً فقط كونهم يهتمون بنظافة الطريق الرئيسي للحي، ويتجاهلون بقية الشوارع الفرعية». ويوضح راجي أن عمال شركة النظافة منشغلون بجمع المعادن والنحاس للاستفادة منها، وبيعها للمحال التجارية المقتنية للآثار، فيما ضربوا بنظافة الحي عرض الحائط.