طهران، بغداد، موسكو، تل أبيب – أ ب، رويترز، أ ف ب – اعتبرت ايران أن محادثات بغداد مع الدول الست المعنية بملفها النووي، تشكّل «فرصة لتتخلّى عن استراتيجياتها العقيمة»، فيما أكدت موسكو استعداد طهران لاتخاذ «تدابير ملموسة» تبدّد الشكوك في شأن برنامجها الذري. لكن اسرائيل حضّت الدول الست على عدم «الاستسلام» أمام ايران، فيما أفادت «هيئة الاذاعة البريطانية» (بي بي سي) بأن القادة البريطانيين ناقشوا كيفية تعامل لندن مع أي حرب بين طهران وتل أبيب. والتقى سكرتير المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني سعيد جليلي في بغداد، الرئيس العراقي جلال طالباني ورئيس «المجلس الاسلامي الأعلى العراقي» عمار الحكيم. ونقلت وسائل إعلام ايرانية عن جليلي قوله للحكيم: «ستشمل المفاوضات رهانات دولية وإقليمية ونووية، ونأمل بأن تدشّن بداية عهد جديد». وأضاف: «نشعر بأن الغرب فهم أن الأوان فات لاستخدام استراتيجية الضغط التي يتبعها، ونأمل بأن تشكّل مفاوضات بغداد فرصة للدول الست للتخلي عن بعض من استراتيجياتها العقيمة». وأبلغ رئيس الوزراء نوري المالكي وزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي كاترين اشتون ان «الجميع يتطلعون الى نجاح المحادثات، لأن ذلك سينعكس إيجاباًَ على المنطقة وعلى العراق في شكل خاص». ونقلت رئاسة الحكومة العراقية عن أشتون إن «التوصّل الى تسوية لهذا الملف، يشكّل رغبة الجميع، وليس الدول المتفاوضة فقط». لكن زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر انتقد استضافة بغداد المحادثات، محذراً من ان «زجّ العراق في قضية الملف النووي الإيراني وغيره، أمر خطر وليس مقبولاً، وقد تترتب عليه مفاسد كثيرة، أهمها عدم استقلالية العراق والضغط عليه عبر قضايا مشابهة». وشدد على ضرورة إبعاد العراق عن صراع القوى، قائلاً: «على الحكومة الالتفات الى شعبها، قبل الالتفات الى جيرانها». صالحي في طهران، اعتبر وزير الخارجية الإيراني علي أكبر صالحي أن «سياسة (الغربيين) القائمة على الضغط والترهيب، غير مجدية». وقال: «عليهم تبني سياسات لإظهار حسن النية، لتسوية هذه المسألة. الأفكار المطروحة علينا، تفيد بأن الجانب الآخر يريد جعل (محادثات) بغداد ناجحة». وانتقد مصادقة مجلس الشيوخ الأميركي على فرض عقوبات جديدة على ايران، قائلاً: «الكونغرس الأميركي لا يوصل رسالة جيدة، وقد تعبّر عن أن أميركا ليست مستعدة لإظهار حسن نيات. هذا خطأ استراتيجي، ونحن صامدون في مواجهة التحدي». وأعلن تشنغ كوبينغ، نائب وزير الخارجية الصيني، ان الرئيس الايراني محمود أحمدي نجاد سيزور بكين الشهر المقبل لحضور اجتماع «منظمة شنغهاي للتعاون»، مشيراً الى أنه سيناقش الملف النووي الايراني مع نظيره الصيني هو جينتاو. واعتبر مرشد الجمهورية الإسلامية علي خامنئي ان «آفاق المستقبل تبتسم للشعب الإيراني»، مؤكداً أن «جبهة الظلم والاستكبار والغطرسة في طريقها نحو الزوال». في غضون ذلك، أشار وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف الى «انطباع واضح إثر اتصالات تمهيدية، بأن الجانب الإيراني مستعد للتوصل الى اتفاق في شأن خطوات ملموسة، في اطار نهج يستند الى مبادئ الخطوات التدريجية المتبادلة». واعتبر ان على «ايران أن تقوم بخطوة في اتجاه مطالب المجتمع الدولي، وأن يقطع الأخير خطوة في اتجاه تخفيف العقوبات التي تضغط على ايران»، مشدداً على أن العقوبات التي صادق عليها مجلس الشيوخ الأميركي «لا تستهدف التصدي لمخاطر محتملة لانتشار اسلحة الدمار الشامل، ولكن خنق الاقتصاد الإيراني». اسرائيل لكن وزير الدفاع الإسرائيلي ايهود باراك رأى «وجوب الحذر من ان ايران تستطيع، في بغداد، بفضل تنازلات جزئية، تجنّب تشديد العقوبات، والذي من دونه ستواصل برنامجها» النووي. وأكد «وجوب عدم الرضوخ في اللحظة الاخيرة او الاستسلام»، معتبراً أن مطالب المجتمع الدولي من ايران كانت «ضعيفة جداً». وقال: «كل ما هو اقل من المطالبة بوقف تخصيب اليورانيوم بنسبة 20 و3,5 في المئة، ونقل كلّ اليورانيوم المخصب الى خارج ايران، وإغلاق منشأة قم، ليس كافياً. اذا سمح (الغربيون لإيران) بالاستمرار، ستملك سلاحاً نووياً». واضاف: «يجب ان يمنع العالم ايران من امتلاك سلاح نووي، وكل الخيارات مطروحة على الطاولة». تزامن ذلك مع تقرير أوردته صحيفة «هآرتس»، وأفاد بأن الإدارة الأميركية تخطط لإيفاد وفد سياسي – أمني بارز إلى إسرائيل قريباً، لتبديد قلقها في شأن تسوية محتملة مع إيران. وأفادت «هيئة الاذاعة البريطانية» (بي بي سي) بأن مجلس الأمن القومي البريطاني الذي يرأسه رئيس الوزراء ديفيد كامرون، ناقش الأسبوع الماضي كيفية تعامل لندن مع أي حرب بين ايران واسرائيل. واشارت في تقرير الى أن المجلس ناقش «ليس فقط احتمال اندلاع مواجهة عسكرية، بل الدور الذي يمكن ان تؤديه بريطانيا، وهل ستكون أي مشاركة، قانونية». ولفت التقرير الى ان هيئة محامي الحكومة يدرسون قانونية أي مشاركة بريطانية، «سواء كانت تقديم مساندة ديبلوماسية بريطانية لإسرائيل، او المشاركة المحتملة للبحرية الملكية في المنطقة». وورد في التقرير أن وزراء بارزين في المجلس أُبلغوا ان احتمال فشل المحادثات مع ايران، وشنّ اسرائيل هجوماً على منشآتها النووية، قد يشعل حرباً في الشرق الأوسط. وأضاف ان المجلس أُبلغ بأن ايران قد تردّ، ليس فقط بشنّ هجوم على اسرائيل، ولكن أيضاً بإغلاق مضيق هرمز الحيوي لنقل النفط.