تفاعل أمس قرار المغرب سحب ثقته في المبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة للصحراء الغربية كريستوفر روس بعدما اتهمه ب «التراجع» عن الإطار التفاوضي الذي حددته قرارات مجلس الأمن. وفي وقت كررت باريس دعمها لاقتراح الرباط الحكم الذاتي حلاً لنزاع الصحراء، رأت جبهة «بوليساريو» أن قرار المغرب «اعتباطي». وكانت الحكومة المغربية اتهمت مساء الخميس كريستوفر روس بسلوك «أسلوب غير متوازن ومنحاز»، وبررت سحبها ثقتها منه بتصرفاته «المتسمة بتراجعه عن المحددات التفاوضية التي سطرتها قرارات مجلس الأمن» الدولي. وكان الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون عيّن روس، الديبلوماسي الأميركي السابق، مبعوثاً شخصياً له إلى الصحراء الغربية في كانون الثاني (يناير) 2009. ورعى روس أكثر من جولة مفاوضات بين المغرب وجبهة «بوليساريو» كان آخرها الاجتماع غير الرسمي التاسع بينهما في آذار (مارس) الماضي في مانهاست (نيويورك). ولم تسفر هذه المفاوضات عن أي اختراق، لكن كان يُتوقع أن يعاود روس جمع الطرفين بحضور الجزائر وموريتانيا كمراقبين، في حزيران (يونيو) وتموز (يوليو) المقبلين. وليس واضحاً ما إذا كانت هذه الاجتماعات ستتم الآن بعدما سحب المغرب ثقته من روس. وفي باريس، نقلت «فرانس برس» عن وزارة الخارجية الفرنسية الجمعة أن فرنسا «تدعو إلى حل سريع للخلاف» القائم بين الرباط وكريستوفر روس، مذكّرة بدعم باريس خطة الحكم الذاتي المغربية في الصحراء. وصرح الناطق باسم الوزارة برنار فاليرو في ندوة صحافية بأن «فرنسا أخذت علماً بقرار المغرب سحب ثقته من المبعوث الخاص للامين العام للأمم المتحدة كريستوفر روس». وأضاف أن البحث عن حل سريع لهذا التطور يجب أن يأخذ «في الاعتبار الاهتمامات الشرعية لكل الأطراف». وتابع المتحدث أن فرنسا حليفة المغرب التقليدية «تجدد دعمها خطة الحكم الذاتي المغربية التي هي الاقتراح الواقعي الوحيد المطروح اليوم على طاولة المفاوضات والتي تشكل قاعدة جدية ذات صدقية لحل في إطار الأممالمتحدة». وأشار تقرير أخير للأمم المتحدة إلى تصرفات تقوم بها السلطات المغربية في الصحراء الغربية واعتبرها تمثّل تعقيداً لعمل بعثة الأممالمتحدة إلى الصحراء. وصادق مجلس الأمن الدولي في 24 نيسان (أبريل) الماضي على قرار يمدد بسنة مهمة بعثة الأممالمتحدة إلى الصحراء الغربية ودعا في الوقت نفسه المغرب إلى «تحسين وضع حقوق الإنسان» في تلك المنطقة التي تحكمها. ولاحظت وكالة الأنباء الجزائرية أن الصحافة المغربية تشن منذ بضعة أيام حملة ضد روس متهمة إياه بكونه وراء التقرير الذي قدمه الأمين العام للأمم المتحدة لمجلس الأمن الذي أكد في قراره الرقم 2204 ضرورة التوصل إلى حل يسمح «بتقرير مصير الشعب الصحراوي» ومنح كامل الحرية لبعثة «المينورسو» في تحركاتها في الصحراء. وانتقدت الجبهة الشعبية لتحرير الساقية الحمراء ووادي الذهب (بوليساريو)، أمس، قرار المغرب سحب ثقته من روس. وأعلنت وزارة الإعلام الصحراوية أن «بوليساريو» ترى أن «قرار المغرب اعتباطي ولا أساس له عندما سحب ثقته من السيد روس لمواصلة مهمته في البحث عن حل عادل ودائم للنزاع في الصحراء الغربية وحق الشعب الصحراوي في تقرير مصيره». وأضافت أن «هذا القرار الخطير وغير المبرر بمثابة تحد جديد غير مقبول من المغرب للمجتمع الدولي والأمين العام للأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي الذي اعتبر في قراره 2044 الصادر في 24 نيسان (أبريل) الماضي أن استمرار الوضع الراهن غير مقبول وجدد تأكيد ثقته في روس وما يبذله من جهود من اجل تسهيل المفاوضات». وقالت جبهة «بوليساريو» بحسب ما أوردت «فرانس برس» إن «المغرب يريد بوقاحة أن يفرض حق الإملاء على الأمين العام فحوى تقاريره إلى مجلس الأمن الدولي وأن يقرر التصرف الذي يجب أن يسلكه». وأضافت أن الرباط «تريد في الوقت نفسه بذل كل جهود من القضاء على صدقية وحيادية عمليات بعثة الأممالمتحدة إلى الصحراء الغربية كما انتقده تقرير الأمين العام الأخير». وجددت الجبهة «إرادتها في مواصلة دعمها وتعاونها الصادق» مع روس ووجهت «نداء حثيثاً» إلى مجلس الأمن كي يتخذ «الإجراءات والقرارات الضرورية لصيانة وحماية سلطة الأممالمتحدة». وفي الإطار نفسه، قال الناطق باسم وزارة الخارجية الجزائرية عمر بلاني في تصريح ورد على وكالة «فرانس برس» إن «الجزائر أيدت باستمرار الجهود الحثيثة التي يقوم بها السفير كريستوفر روس لمرافقة الطرفين، المغرب وجبهة بوليساريو، في البحث عن حل سياسي عادل ودائم ويحظى بموافقة الطرفين ويعطي حق تقرير المصير للشعب الصحراوي». ورد الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون على قرار المغرب بإعلان «ثقته التامة في كريستوفر روس»، كما أعلن الخميس المتحدث باسم الأممالمتحدة مارتن نسيركي. وذكرت «فرانس برس» أن وزير الخارجية والتعاون المغربي سعد الدين العثماني كان قد أبلغ باريس وواشنطن انزعاج المغرب من كريستوفر روس، وعبّر للأمين العام الأممي عن «هواجس الرباط، بخصوص تحدث آخر تقرير لروس عن «خروق اقترفها المغرب في حق بعثة تنظيم الاستفتاء في الصحراء الغربية». وجرى ذلك خلال زيارتين خاطفتين إلى باريس وواشنطن قبل أيام، وفق وكالة الأنباء الرسمية المغربية.