في كل مرة تنشب فيها حرب بين العرب وإسرائيل نفقد جزءاً من تراث غزة، وتخرج إسرائيل من كل حرب وقد فقدنا جزءاً من التاريخ والتراث الذي هو في حقيقة الأمر ضد أكذوبة وجود إسرائيل، فالصهاينة لا يكرهون شيئاً مقدار ما يكرهون التراث المادي واللامادي. سرق الإسرائيليون من غزة مواقع أثرية كاملة، مثل فسيفساء كنيسة بيزنطة في تل بطشان، كما نقل اليهود الصهاينة من تلة الرقيش في دير البلح الكثير من الآثار إلى متحف جامعة بير سبع، لكن الأشد ألماً هو إهمال أهل غزة تراثهم، كهدم البيوت القديمة الأثرية وتحويلها بنايات سكنية، هذه البيوت أيضاً يستهدفها دائماً القصف الجوي الإسرائيلي. إن هناك حاجة ماسة اليوم أيضاً إلى تغيير قانون الآثار الفلسطيني حيث لا يحتوي على مواد رادعة تجرم الإتجار في الآثار أو التنقيب عنها من دون تصاريح رسمية أو حتى هدم البنايات التراثية. يعد الجامع العمري في غزة أقدم أثر إسلامي فيها، حيث كان كنيسة لعرب غزة، وبعد فتحها من عمرو بن العاص حولت الكنيسة مسجداً عرف بالمسجد العمري نسبة إلى عمر بن الخطاب. هذا المسجد جدد في العصر المملوكي، وتعرض إلى قصف قوات الحلفاء في الحرب العالمية الأولى، حيث قامت بدك غزة بوابل من القذائف فدمروا مئذنة المسجد العمري وسطحه وأقبيته، وبعد الحرب بدأ علماء غزة في رفع أنقاض المسجد وترميمه، غير أن المئذنة تعرضت في عام 1927م إلى زلزال، وبات اليوم في حاجة ماسة للصيانة والترميم. مئذنة جامع زكريا: هذا المسجد شيد في العصر المملوكي، ولم يتبق منه سوى المئذنة التي تحاصرها للأسف البنايات الحديثة من كل جانب. ويعد جامع ومزار الشيخ خالد من تراث غزة المهدد بالزوال، فهو متداع ويتكون من ثلاثة أروقة مسقوفة بقباب، وفي فناء المسجد يوجد الضريح. أما مسجد الوزير، فهو من بناء شرف الدين عيسى بن الوزير، شيده في القرن التاسع الهجري، وهدم جزء كبير منه عند شق الشارع الرئيسي للمدينة في نهاية الحكم العثماني. هذه نماذج من تراث غزة، وهو تراث بات الآن في حاجة ماسة إلى عدة خطوات منها: - تسجيله كاملاً بصورة واضحة، خاصة التلال الأثرية التي تعود إلى عصور ما قبل التاريخ وحتى الحقبة الإسلامية، مع عمل خرائط مسحية واضحة لهذه التلال. - توثيق شواهد القبور في مقابر غزة لكونها شاهد عيان على سكان المدينة وتسلسلهم منذ حقب بعيدة إلى الآن، خاصة مقابر باب البحر والأوزاعي وبني ميس وتربة الشهداء وغيرها، وكان الباحث المصري الدكتور فرج الحسيني أنجز موسوعة بحثية عنها لم تنشر بعد وهي على جانب كبير من الأهمية، إذ تكشف تاريخ المدينة وأسرها. - ترميم ما تبقى من مساجد وزوايا وأضرحة، خصوصاً ما أشار إليه الباحث الفلسطيني سليم عرفات المبيض في كتابه «البنايات الأثرية الإسلامية في غزة وقطاعها». - ضرورة تسجيل منازل غزة الأثرية التي لم تسجل بعد، ومنع هدمها. - إعداد برنامج للنشر العلمي لتراث غزة. - إنشاء هيئة وطنية فلسطينية للآثار تحتفظ بسجلاتها في فلسطين وخارج فلسطين منعاً لاحتمالات استيلاء الصهاينة عليها. - إطلاق حملة دولية لإنقاذ تراث فلسطينالمحتلة. - بناء متحف كبير في غزة.