ما زالت فرنسا تواصل بحوثها الأثرية للمساعدة في إلقاء الضوء على التراث الفلسطيني بعد مئة وخمسين سنة من إجراء الحفريات الأولى في البلاد. ففي ندوة بعنوان «150 سنة من المساهمة الفرنسية في علم الآثار الفلسطيني»، قال القنصل العام لفرنسا في القدس فريدريك ديزانيو، إن «الأبحاث مستمرة في سياق هشّ ومقلق في انتظار حل عادل ودائم للصراع الفلسطيني - الإسرائيلي». وأكد «أهمية التراث للاعتراف الدولي بفلسطين». وجمعت الندوة التي عقدت الجمعة والسبت الماضيين، علماء آثار وخبراء ترميم فرنسيين وفلسطينيين في القدس وبيرزيت قرب رام الله. وتزامنت مع افتتاح قاعة للآثار الفلسطينية واليهودية في متحف اللوفر الفرنسي. ونظم الندوة المعهد الفرنسي للشرق الأوسط ومدرسة الكتاب المقدس والإثار الفرنسية في القدس وجامعة بيرزيت الفلسطينية. وتُعقد ندوة أخرى حول الموضوع ذاته في 11 و12 تشرين الأول (أكتوبر) 2013 في المعهد الوطني للتاريخ والفن في العاصمة الفرنسية باريس، ستركز على «البحث العلمي الحديث التشاركي» للفترة ما بين 1948-2013. وأسِفت وزيرة السياحة الفلسطينية رولا معايعة لكون «إسرائيل تستخدم علم الآثار لإضعاف حقوقنا»، خصوصاً أن فلسطين صارت عضواً في منظمة «يونيسكو» في 31 تشرين الأول 2011، وهي تطالب ب 3300 موقع أثري. بدأ التنقيب الفرنسي في فلسطين في تشرين الثاني (نوفمبر) 1863 في منطقة قبر السلاطين في القدسالشرقيةالمحتلة. وانتهت آخر سلسلة من الحفريات وهي الأولى منذ عام 2008-2009 في أيار (مايو) وحزيران (يونيو) الماضيين، تحت إدارة عالم الآثار الفرنسي جان-سيلفان كايوو في المعهد الفرنسي للشرق الأوسط بهدف ترميم الموقع. وسمي الموقع «قبور السلاطين» بسبب اعتقاد خاطئ بأنه يحوي ضريح ملوك «يهوذا» الأوائل، ويعتقد انه قبر الملكة هيلين وهي أميرة أشورية اعتنقت اليهودية. وفي قطاع غزة، أنقذ عالم الآثار الفرنسي رينيه التير بقايا أول دير مسيحي في فلسطين، وهو دير القديس هيلاريون في منطقة تل أم عامر قرب مخيم النصيرات للاجئين الفلسطينيين. وبدأت الأبحاث الأثرية في الأراضي المقدسة في منتصف القرن التاسع عشر، وسرعان ما أصبحت مثار جدل، بسبب محاولات للتلاعب بالتاريخ لأغراض دينية أو أيديولوجية في إطار «علم الآثار التوراتي». ويقول نائب مدير مدرسة الكتاب المقدس والآثار (أسست عام 1890) أوليفيه-توما فينارد: «علم الآثار الفرنسي في فلسطين مبني على سياق البحث ضد النهج الديني والقومي».