أعلنت السعودية مراراً ان السعر المستهدف للنفط هو 100 دولار للعام الحالي، وهذا الرقم يزيد بمقدار 25 دولاراً عن السعر المستهدف السابق في 2008. وعلى رغم ان هذا الرقم أقل من الأسعار السائدة حالياً في الأسواق النفطية العالمية، إلا ان المملكة العربية تحاول ان يكون هذا السعر وعند معدل 100 دولار هو رقم مقبول محلياً وخارجياً. وهو معمول به فعلياً منذ بدية العام الماضي ومقبول لدى الدول المستهلكة للنفط وهذا هو الأهم. وعلى رغم ان المعدل السائد لسعر النفط يتجاوز ومنذ فترة معدل 100 دولار، إلا ان هذا يعكس الاضطرابات والأمور السياسية السائدة في ربوع دول «الربيع العربي» وتأثيرها المباشر في الإمدادات النفطية كما هي حال سورية مثلاً، ويعكس الأزمة النووية السائدة بين الغرب وإيران، وتشمل مقاطعة الدول الأوروبية للنفط الإيراني. وكان بإمكان أسعار النفط ان تصعد كثيراً لكن المخاوف الاقتصادية الحالية لأسباب، منها أزمة اليورو وخفض الطلب العالمي على النفط، ساعدت في ان يكون النفط عند مستوى يراوح حول 110 دولارات. والسعودية بإعلانها الرقم الجديد تريد ان تؤكد التزامها الحفاظ على استقرار أسعار النفط وأنها ضد الارتفاعات الحادة في أسعار النفط، وأن هذا الرقم ليس بالرقم «المضر» باقتصادات العالم الذي يستطيع ان يتعايش مع 100 دولار للبرميل، في حين يمثل هذا الرقم أيضاً مستوى يلبي احتياجات الدول النفطية الخليجية المالية وبقية أعضاء منظمة «أوبك» في تغطية نفقات هذه الدول للسنة المالية الحالية وهي تتراوح ما بين 85 و95 دولار للبرميل وتحقق فوائض مالية مستمرة ويجد قبولاً لدى دول «أوبك» وكذلك الدول الرئيسة الأخرى المنتجة والمصدرة للنفط مثل روسيا والمكسيك. هذا على النطاق الخارجي. أما عن النطاق المحلي، فمعظم الدول النفطية الخليجية قابلة وراضية بهذا الرقم المستهدف فسعر النفط ما بين 85 و90 دولاراً يغطي إجمالي نفقاتها المالية للسنة الحالية ومنها السعودية والكويت والعراق والإمارات وإيران. وهذا المعدل سيكون مرضياً للجميع من دون استثناء. وقرار السعودية رفع السعر المستهدف للبرميل إلى 100 دولار قد لا يكون فقط لا رضاء الأعضاء الآخرين في «أوبك» ولكن كي تتمكن المملكة من تغطية موازنتها لهذا العام والبالغة 129 بليون دولار وهي الأعلى والأضخم في تاريخها لتغطية مشاريعها الكبرى، ومنها على سبيل المثال بناء ثلاث مصافٍ فيها ومشاركتها الأخيرة مع «داو» في مشروع الصدارة. ومن المؤكد ان المملكة ستحقق أيضاً فائضاً مالياً عالياً إذا ما احتسبنا ان الدخل اليومي سيكون في حدود 700 مليون دولار يومياً أو ما يعادل 21 بليون دولار شهرياً أو 252 بليون دولار سنوياً. وسيكون الفائض في حدود 93 بليون دولار عند المعدل الحالي للإنتاج والتصدير الخارجي والنفط ب 100 دولار للبرميل. أما على مستوى الشركات النفطية العملاقة، فهي تعتبر الرقم النفطي ما بين 50 و90 دولاراً للبرميل هو الرقم المقبول في تقويم مشاريعها واستثماراتها الخارجية مثل الاستثمار في حقول نفطية جديدة أو في شراء حصص ومشاركات في قطاع النفط والغاز. وقد يكون الرقم محافظاً نوعاً ما وهذا يعكس أيضاً رأي الدول النفطية الخليجية في اعتماد رقم محافظ عند احتساب الموازنات العامة، وتحسباً لأي طارئ أو انخفاض حاد في أسعار النفط وهذا غير متوقع على المدى الحالي. وتتصاعد موازنات الدول النفطية أكثر من 10 أضعاف مقارنة ب 10 سنين مضت لكن المهم ان هذه المبالغ المالية تصب في صالح مشاريع وخدمات وفي تكملة البنية التحتية والأهم من كل هذا هو تنمية الطاقة البشرية بكل ما أمكن من طاقة، ولأن النفط سينضب يوماً، وعلينا ان ننمي قدراتنا البشرية كي نستطيع ان نكون منافسين حقيقيين في الداخل وفي الخارج وتقليل الاعتماد على العمال الأجانب في المراكز العليا تحديداً. والعمل على بناء صناعات متطورة وأفضل مثال هو مشروع «الصدارة» ما بين «أرامكو السعودية» و «داو»، وبناء مشاريع مشتركة مع شركاء خارجيين للاستفادة القوي من تقنياتهم وخبراتهم ومساهمتهم المالية أيضاً. قد تكون أسعار النفط مرشحة للصعود وإلى ما فوق 100 دولار لكن الرقم السعودي المستهدف هو رقم واقعي وعملي للجميع. * كاتب متخصص في شؤون الطاقة - الكويت