انسحب وفد متمردي جنوب السودان الذين يتزعمهم رياك مشار، من المفاوضات المباشرة مع حكومة جوبا ومنظمات المجتمع المدني، التي انطلقت الاثنين الماضي في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا، لوضع حد للحرب الأهلية. وطالب وفد المتمردين بحصر المفاوضات المباشرة بينه وبين وفد الحكومة، على أن يتم إشراك منظمات المجتمع المدني، ووفد «المعتقلين العشرة» (قياديين كان الرئيس سلفاكير اعتقلهم مع بداية الأحداث) في المفاوضات بطريقة غير مباشرة. وبرر وفد المتمردين غيابه عن جلسة التفاوض بتمسكه بثنائية التفاوض المباشر مع الحكومة، من دون رفض آراء الأطراف الأخرى. واعتبر المتمردون أن هذا الشرط بمثابة تسهيل للتفاوض، على اعتبار أن الأعداد الكبيرة للمفاوضين تساهم بإطالة أمد التفاوض. وطالب الوفد الحكومي، وسطاء الهيئة الحكومية للتنمية في دول شرق أفريقيا (ايغاد) التي ترعى المفاوضات، بالاستمرار في التفاوض واقتصاره على الحكومة والمعارضة إلى حين حل الخلاف مع وفد المتمردين. وأكد الوفد الحكومي أنه لا يعمد إلى تأييد موقف المعارضة، ولكنه لا يريد للمفاوضات أن تتعطل. في المقابل، تمسكت «ايغاد» بإشراك المجتمع المدني والفئات الأخرى في المفاوضات، عبر المائدة المستديرة وتقسيم المجموعات السبع، التي تضم كل الاطراف الحكومية إلى لجان، للتوصل إلى نقاط اتفاق، عبر ورش عمل. وفي تطور آخر، أجلت بعثة الأممالمتحدة في جنوب السودان نحو 220 موظفاً أجنبياً يعملون مع الأممالمتحدة ومنظمات إنسانية من مدينة بونج شمال شرق جنوب السودان وذلك عقب وقوع هجمات دامية الاثنين والثلثاء الماضيين سقط ضحيتها 5 من موظفيها المحليين. أما في الخرطوم فأعلنت هيئة مشتركة من أحزاب الموالاة والمعارضة توافقها حول خريطة تنفيذية لمؤتمر الحوار الوطني وزمانه ومدته ومواضيعه والمشاركين فيه وكيفية تمثيل الأحزاب والحركات المسلحة فيه. وذكرت مصادر مأذون لها ل «الحياة» أن حزب «المؤتمر الوطني» الحاكم لا يزال يرفض تأجيل الانتخابات وتشكيل حكومة انتقالية. وكشفت أن عدم تسوية هاتين النقطتين سيعطل الحوار وربما يهدد بانهياره في حال لم يبد الحزب الحاكم أي مرونة. وكشفت «آلية التحضير» للحوار الذي دعا إليه الرئيس السوداني عمر البشير، عن عدم الاتفاق على طريقة تنفيذ مقررات طاولة الحوار. وأرجعت التعثر إلى ضيق الوقت، معلنةً عن عقد اجتماع غداً لحسم النقاط العالقة. وقال مساعد الرئيس ونائبه في الحزب الحاكم إبراهيم غندور عقب اجتماع الآلية الذي انفض في الساعات الأولى من فجر أمس، إن المشاركين توافقوا على خريطة تنفيذية لمؤتمر الحوار، وأكد تجاوز أكثر من 95 في المئة من الأعمال التحضيرية. وأشار غندور إلى الاتفاق على توفير ضمانات لقادة الحركات المسلحة في حال قرروا المشاركة في الحوار. وانتقد القوى المسلحة والأحزاب غير المشاركة، مشيراً إلى اجتماع قادة تحالف «الجبهة الثورية» مع زعيم حزب الأمة الصادق المهدي في فرنسا وإعلان برنامج موازٍ للحوار. ورأى غندور أن تلك القوى تسبح عكس التيار الوطني العام و «تعمل خلافاً للإرادة السودانية». في المقابل، تمسك تحالف المعارضة (21 حزباً) بموقفه الرافض للحوار وللعملية الانتخابية، في ظل وجود النظام الحالي. وانضم إلى المقاطعة، حزب الأمة القومي المعارض، بقيادة الصادق المهدي. وأعلن الحزب عودته إلى تحالف قوى المعارضة من جديد، بعد تجميد نشاطاته لمدة عام تقريباً. وقالت الأمينة العامة للحزب سارة نقدالله أمس، إن «حزب الأمة توافق مع أحزاب التحالف على وفاة الحوار». وأشارت إلى «موقف جديد، اتفق الحزب حوله مع التحالف، يؤسس لحوار جديد قائم على شروط إطلاق الحريات والمعتقلين السياسيين، وتشكيل حكومة انتقالية، الأمر الذي ترفضه الحكومة في شكل قاطع». من جهة أخرى، أيدت محكمة استئناف سودانية أحكاماً صدرت غيابياً بالإعدام بحق رئيس «الحركة الشعبية - الشمال» مالك عقار والأمين العام للحركة ياسر عرمان و15 آخرين، في أحداث التمرد التي شهدتها ولاية النيل الأزرق في أيلول (سبتمبر) 2011، كما أقرت المحكمة أحكاماً بالسجن المؤبد بحق 46 متهماً. وشمل قرار المحكمة تأييد الحكم ضد نائب رئيس «الحركة الشعبية» ووزير الزراعة السابق زايد علي زايد، بصفته من القيادات السياسية التي خططت للحرب والأحداث التي شهدتها ولاية النيل الأزرق.