تحولت مهنة الخط حالها كحال أغلب المهن إلى الاعتماد على الآلة بدلاً من الإنسان. وأصبحت القواعد الخاصة للخط العربي المتمثلة في التناسب بين الخط والنقطة والدائرة تكتب على الرقعة بواسطة «الديجتال»، المساهمة في انتشار محال خطاطة عشوائية تفتقد أصحاب المهارات اللازمة في ظل اعتمادهم على «آلة» تصنع كل شيء. ورغم أن الخطاطة مهنة احترافية تنبع من قلب الإبداع والمهارات الفنية باعتمادها على الابتكار في أسلوب وطريقة رسم الحروف والكلمات بأشكال متعددة، ومن المعروف أنها مهنة بحاجة إلى صبر ومهارة وبراعة ودقة وحس فني تلحظه بشكل مميز من شخص إلى آخر، بيد أنها باتت مهنة بسيطة إثر اختصار تقنية أجهزة «الديجتال» المستخدمة في الكتابة على اللوحات واللافتات محولة وجه المهنة من يدوية إلى تقنية. ويقول مالك وكالة للدعاية والإعلان في جدة محمد بالقيس إنه في الماضي كانت اللافتات واللوحات الدعائية تمتاز بجمالية واحترافية عالية كونها مصنوعة يدوياً من حيث رسوم الكلمات وتنفيذها بشكل مفرغ، ولكن في الوقت الحالي تتشابه اللوحات جراء استخدام برامج التصميم الجاهزة التي يتم تداولها في محال الخطاطين وتفقد اللمسة الإنسانية الإبداعية التي يحب الجميع رؤيتها. ويوضح بالقيس أن الأمر أصبح مختصراً على جمع خطوط معينة وطباعتها على صور «الفليكس»، من دون إضافة الروح الفنية إليها. من جهته، رأى رئيس لجنة الدعاية والإعلان في غرفة جدة للتجارة والصناعة المهندس قسورة الخطيب ل «الحياة» أن المشكلة تكمن في استمرار محال الخطاطين الذين يمارسون أعمال التصميم و الطباعة المتردية ما يؤثر على المظهر العام لفقدانها الاحترافية والمهارات اللازمة. وأفاد المهندس الخطيب بأن الاعتماد على الآلة ساعد في ظهور محال عشوائية للخطاطة تعتمد على استغلال التقنية في المتاجرة بأسعار تضر المنافسين الآخرين، مضيفاً «أصبح مشروع الخطاط ليس مكلفاً وسهلاً خوض غمار المتاجرة فيه، واعتباره وكالة للدعاية والإعلان». وأوصى بضرورة اشتراط عامل الإبداع والتصميم في إصدار التراخيص لمحال وكالة الدعاية والإعلان بالاستناد على شهادات احترافية صادرة من مؤسسات معنية بالمجال ومعروفة. وطالب بأهمية تصنيف أعمال الوكالة وإنجازاتها الإبداعية وتصنيفها قبل منحها الضوء الأخضر للعمل في السوق، معتبراً أن الاهتمام بجودة إخراج اللوحات الإعلانية يعزز الوعي والإدراك بأهمية الحياة الفنية للبشر. وكشف عن عزم لجنة الدعاية والإعلان في غرفة جدة إنشاء معرض للدعاية والإعلان لتصنيف المحترفين والمبتدئين، ووضع ضوابط وأسس جديدة في المجال، داعياً الجهات المعنية إلى أهمية «سعودة» القطاع للإسهام في الحد من العمالة الوافدة التي ربما لا تفهم ثقافة المجتمع بخلاف ابن المجتمع.