قبل أيام من الجولة المقبلة من المحادثات بين ايران والدول الست المعنية بملفها النووي، والمقررة في بغداد في 23 الشهر الجاري، عاد الحديث مجدداً عن مجمّع بارشين العسكري قرب طهران، و «حاوية تفجيرات نووية» تحدثت عنها صور التقطتها أقمار اصطناعية، ما اعتبرته مصادر ايرانية محاولة للضغط علي طهران، لتقدّم مزيداً من التنازلات. ويعود تاريخ الحاوية الي 2003، عندما أعلنت الوكالة الدولية للطاقة الذرية انها تشتبه بوجود حاوية من حديد في مجمّع بارشين التابع للصناعات العسكرية الايرانية، تُستخدم لتنفيذ «تفجيرات نووية». وتكررت هذه الادعاءات، لكن في اشكال مختلفة، في محاولة لتأكيد وجود أبعاد عسكرية للبرنامج النووي الايراني. وأشارت الوكالة الذرية آنذاك الي استنادها الي معلومات قدّمتها دولة عضو في الوكالة، وصور التقطتها أقمار اصطناعية عام 2000، تثبت وجود حاوية تُستخدم في اختبارات تفجيرية في بارشين، وذلك لدرس تأثير هذه التفجيرات علي بعض المواد، وهذا ما يُعرف بال «هيدروديناميك»، وهو مسار يؤدي الي توسيع استخدام سلاح نووي. واستخدمت ايران مادة «تنكستن»، بوصفها مادة بديلة لإنتاج «غاز النيوترون». وورد في تقرير الوكالة أنها «علمت من خلال دولة مطلعة، أن ايران عملت علي صنع كبسولة مناسبة لتخزين مواد نووية، فيما أفادت دولة أخري عضو في الوكالة، باحتمال تنفيذ ايران تفجيرات نووية لاختبار إنتاج مادة النيوترون، وبأن تصميم هذه الكبسولة تمّ استناداً الى نماذج سرّبتها شبكات تهريب الى ايران». وبعد ضغوط مارستها الوكالة وجولات من المحادثات، تمكّن مفتشون من الوكالة من دخول بارشين في كانون الثاني (يناير) 2005. وورد في تقرير أصدره المفتشون آنذاك، أن «الوكالة تمكنت من زيارة خمسة أقسام وأخذ عيّنات منها». البرادعي وأفادت نتائج العينات بعدم العثور علي أي نشاط نووي في المجمّع، لكن الوكالة طلبت من إيران، في 2 تموز (يوليو) 2005، زيارة الموقع مجدداً. رفضت طهران الطلب، لكنها تراجعت بعد تدخل شخصي من المدير العام للوكالة آنذاك محمد البرادعي الذي قال إنه «لا يستطيع إقناع المجتمع الدولي بمجرّد زيارة واحدة» للمجمّع. وقبلت ايران زيارة الموقع، شرط أن تكون الثانية والأخيرة. وتعهّد أولي هاينونن، مساعد البرادعي، إغلاق هذا الملف، إذا كانت نتائج تحليل العيّنات مطابقة لنتائج الزيارة الأولي. وزار كلود فريدريك، رئيس فرق التفتيش في الوكالة آنذاك، بارشين في مطلع تشرين الثاني (نوفمبر) 2005، بناءً علي نقاط مثبتة علي خريطة مصوّرة بالأقمار الاصطناعية، قُدّمت لطهران. وأخذ فريق الوكالة عيّنات من النقاط التي زارها في المجمّع، وأثبتت التحاليل عدم وجود أي نشاط نووي فيها. وتقول مصادر ايرانية إن السلطات سمحت للفريق بزيارة نقطتين أخريَين في بارشين، تبيّن أن أحداهما مخزن صغير، والأخري دورة مياه. وظهر لاحقاً أن هاتين النقطتين قدّمهما «مجاهدين خلق»، أبرز تنظيم معارض للنظام الايراني في الخارج، لكن البرادعي أكد، في تقرير قدمه في 27 شباط (فبراير) 2006، سلامة العيّنات المأخوذة من المجمّع. وعام 2011، وتحديداً قبل أيام من اجتماع دوري لمجلس محافظي الوكالة الذرية، جدّدت مصادر غربية حديثها عن وجود حاوية «نووية» وخزان للوقود في بارشين، وهذا مشابه لادعاء عام 2003، ويتكرّر هذه السنة، مع ظهور صور مفترضة للخزان، من أجل ما تعتبره مصادر ايرانية مواصلة ضغوط علي طهران، وعلي محادثات بغداد.