هل سبق ورأيت يوماً الكابتن ماجد أو ناروتو أو ساندي بيل، يتجولون في الشوارع بيننا ويتحدثون ويأكلون سوياً ويتحدون بعضهم بعضاً؟ قد يبدو المشهد غير مألوف في عالمنا العربي ولكن في بعض دول العالم خصوصاً في اليابان، إعتاد الناس رؤية الشخصيات الكرتونية وأبطال القصص المصورة في حياتهم اليومية أحياء يرزقون بفضل ظاهرة «الكوسبلاي». ومصطلح كوسبلاي مشتق من الكلمتين الانكليزيتين «Costume» وتعني رداء و «Play» وتعني أداء، أما المصطلح بحد ذاته فيعني أداء الشخصية وقد اعتمد للدلالة على ظاهرة التنكر بزي شخصية معينة من المسلسلات الكرتونية والقصص المصورة وألعاب الفيديو وعالم الفن وتقمص دورها بأدق طريقة ممكنة من حيث الملابس والطباع. واستخدم الياباني نوبويوكي تاكاهاشي المصطلح للمرة الأولى في معرض الخيال العلمي العالمي الذي أقيم في مدينة لوس أنجلوس عام 1984. وظاهرة ال «كوسبلاي» لم تنشأ في اليابان كما يعتقد كثيرون وإنما في الولاياتالمتحدة بين عامي 1970 و1980 عقب عرض فيلمي الخيال العلمي الشهيرين «ستار وورز» و «ستار تريك». وصل الكوسبلاي إلى اليابان في أوائل تسعينات القرن الماضي ولاقى رواجاً ملحوظاً، فهذا البلد الآسيوي معروف بإنتاجه الضخم للمسلسلات والأفلام الكرتونية والمانغا أو القصص المصورة اليابانية التي تستهوي الناس من فئات عمرية مختلفة. وخير دليل على شعبية الكوسبلاي في اليابان هو حي هاراجوكو الواقع غربي العاصمة طوكيو، حيث تباع أجمل وأجود ملابس الكوسبلاي ويستقبل في نهاية كل أسبوع جماهير غفيرة من عشاق هذا الفن الذين يستعرضون إبداعاتهم ومهاراتهم في فن التقليد على مرأى من السياح. ونظراً الى الشهرة المتزايدة للكوسبلاي، أصبحت تقام اليوم معارض ومسابقات يتنافس فيها المعجبون لنيل جائزة، بناءً على اختيار الحكام. وتختلف الوسائل التي يعرِّف بها المنافسون عن الشخصية التي يؤدونها فمنهم من يؤدي عروضاً تمثيلية قصيرة ومنهم من يقدم وصلات رقص ومنهم من يأخذ وضعية شخصيته وحسب. وأهم شروط الاشتراك في مسابقات الكوسبلاي يكمن في أن تكون ملابس المتنافسين يدوية الصنع. أبرز معارض الكوسبلاي في العالم هو «جابان إكسبو» وهو معرض فرنسي يتناول الثقافة اليابانية ويقام سنوياً في حديقة المعارض في باريس في أوائل شهر تموز (يوليو) لمدة أربعة أيام. واحتفى المعرض هذه السنة بمضي خمسة عشر عاماً على تأسيسه في عام 1999. يرتاد المعرض عدد كبير من الشباب الفرنسي المولع بالثقافة اليابانية خصوصاً بالقصص المصورة والأفلام والمسلسلات الكرتونية. ويتخلل المعرض حفلات موسيقية وعروض فنون قتالية وأوريغامي أو فن طي الورق الياباني، إضافة إلى عروض حصرية لآخر إصدارات المانغا. ومن ضمن فعاليات المعرض إقامة الدورات المؤهلة لاختيار ممثلي فرنسا في أهم مسابقات الكوسبلاي في العالم وهي «قمة الكوسبلاي العالمية» التي تقام في ناغويا سنويًا في خلال عطلة نهاية أول أسبوع من شهر آب (اغسطس) وهي من تنظيم من محطة TVAishi التلفزيونية اليابانية، وبمشاركة ممثلين من عشرين بلداً. وفازت إيطاليا بدورة عام 2013 من المسابقة. وتجدر الإشارة إلى أن الدول العربية لم تكن يوماً ممثلة في هذا الحدث الضخم. والكوسبلاي بحسب عشاقه هو وسيلة للتعبير بطريقة خلاقة وممتعة عما يجول في خاطرهم وهو يساعدهم في التنفيس عن همومهم ويشغلهم ولو لساعات عن مشاق الحياة الواقعية. أما الشخصيات التي تشكل في العادة مواد خصبة لمؤدي الكوسبلاي فهي شخصيات المسلسلات والمانغا اليابانية التي تعتبر تحدياً بالنسبة إليهم لما فيها من تعقيدات وتفاصيل سواء على صعيد الملابس أو الطباع، ونذكر منها شخصيات ناروتو ووان بيس وبليتش وسايلور مون ودراغون بول.