مع اقتراب أسعار الغذاء في أسواق السلع العالمية من مستويات مرتفعة، توقع «بنك قطر الوطني» في تقريره الأسبوعي ازدياد أسعار الغذاء في منطقة دول مجلس التعاون الخليجي 4.1 في المئة هذه السنة، بعدما زادت سنوياً خلال العقد الماضي، ومحذراً من أن أي ارتفاع جديد سيؤدي إلى «صعوبات ضخمة واضطرابات في الدول الفقيرة». وأشار إلى أن «الأسواق الخليجية، على رغم ارتباطها بالأسواق العالمية، تشهد تذبذبات أخف، إذ ارتفعت الأسعار في المنطقة 15 في المئة عام 2008، ولم تتراجع عام 2009، بل زادت بمعدل أبطأ، وواصلت الارتفاع خلال عامي 2010 و2011». ويمثل قطاع الأغذية والمشروبات في الخليج 20 في المئة من متوسط أوزان سلة البضائع والخدمات التي تحدد معدلات التضخم، ويتراوح وزن القطاع بين 13 في المئة في قطر و30 في المئة في عُمان، ما يعكس الاختلافات في استهلاك الأسر والدعم الحكومي وإجراءات التحكم في الأسعار. وأضاف التقرير أن أزمة الغذاء العالمية، التي بدأت عام 2007، ما زالت تراوح مكانها، مشيراً إلى استمرار ارتفاع أسعار الغذاء في أسواق السلع العالمية على رغم التراجع الطفيف الذي شهدته خلال نيسان (أبريل) الماضي، بينما تواصل الأسعار في أسواق التجزئة الخليجية ارتفاعها. وحذر من أن استمرار الأسعار في الأسواق العالمية عند المستويات المرتفعة الحالية، أو ارتفاعها مجدداً للمرة الثالثة عام 2013، سيؤدي إلى اضطرابات في الدول الفقيرة، ويُحتمل أن يلعب انتهاء دعم الحكومة الأميركية لإنتاج الإيثانول هذه السنة، دوراً إيجابياً في تجنب ارتفاع جديد في أسعار الغذاء. ووفق التقرير، توقعت وحدة معلومات في «إيكونوميست» انخفاض أسعار الذرة، لكن ارتفاع أسعار النفط الخام قد يؤدي إلى زيادة الطلب على الوقود الحيوي». وعلى رغم أن الأسعار تراجعت خلال الفترة المتبقية من عام 2011 بما نسبته 10 في المئة، إلا أنها عاودت الارتفاع مع بداية السنة، في حين أكد التقرير أن من المبكر جداً تحديد ما إذا كان هذا التراجع هو مجرد تذبذب في الأسعار أو مسار جديد هابط في الأسواق. ويُتوقع أن يؤثر مسار أسعار الغذاء خلال العام المقبل على الأمن الغذائي في الكثير من الدول، وأن يكون له تأثير في الاستقرار السياسي في بعضها. الوقود الحيوي ولفت إلى «عاملين مهمين، الأول يتمثل في تحويل المحاصيل الزراعية إلى وقود حيوي، ما أدى إلى تقليص إمدادات الغذاء، إذ يُستخدم حالياً أكثر من ثلث محصول الذرة في الولاياتالمتحدة (تنتج 40 في المئة من المحصول العالمي) لإنتاج الإيثانول، مقارنة بستة في المئة فقط من محصولها عام 2000، ويأتي ذلك بسبب سياسات أمن الطاقة التي تتطلب إضافة الإيثانول إلى البنزين، الذي يمثل 10 في المئة من الوقود المستخدم في الولاياتالمتحدة. أما العامل الأبرز فيكمن في المضاربات في عقود السلع الآجلة، إذ أعطت عمليات تحرير الأسواق منذ تسعينات القرن العشرين، المضاربين القدرة على الاستثمار بمعدلات أكبر في الكثير من السلع، ودفعت انهيارات أسواق الأسهم عام 2000 و2008 المضاربين إلى تنويع استثماراتهم في أصول مختلفة، ومنها الأغذية. وأشار إلى تحليل صدر أخيراً عن معهد «نيو إنغلند» للأنظمة الدقيقة أظهر أن زيادة إنتاج الإيثانول يمكن أن تفسّر بدقة المسار الصاعد الطويل الأمد في أسواق الغذاء، في حين أن المضاربات تفسر التذبذب في الأسعار خلال الفترة الماضية، ويتوافق هذا التحليل مع النتائج التي توصلت إليها بحوث صدرت عن البنك الدولي.