«منذ أن قررتْ جدة استبدال وجهها القديم بآخر لا أعرفه، قررتُ بدوري أن أكتب رواية». بهذه الكلمات يشرح الصحافي والروائي الإرتري حجي جابر، الذي أقام في مدينة جدة سنوات ليس قليلة، أجواء روايته «سمراويت» التي حازت أخيراً جائزة الشارقة للإبداع العربي في دورتها الخامسة عشرة. ما بين جدة وأسمرا، عاصمة إرتيريا تدور أحداث الرواية الصادرة عن المركز الثقافي العربي في الدارالبيضاء وبيروت، عملٌ يقول عنه صاحبه إنه يعرض للشتات الإرتيري خلال العقود الأربعة الماضية، قصة الحرب والحب في حياة الإرتيريين. وقال حجي ل «لحياة»: «سمراويت هي إرتيريا، بناسها وشجرها وحجرها، هي «التغريبة» الإرتيرية طوال عقود الحرب وما بعدها، وهي أيضاً جدة الرحبة التي استوعبت جوع الإرتيريين للوطن، ولئن كان الاسم يعود إلى فتاة سمراء فاتنة فإنها مع ذلك تجمع كل تلك المعاني». وأكد حجي جابر أنه «أستخدم مفرداتٍ خاصة تليق بجدة وإن غيرت وجهها بآخر لا أعرفه»، لافتاً إلى أن «سمراويت» تتحدث عن جدة التي كانت بنوع من الحنين، وهو بالمناسبة ما حصل نفسه مع مصوع على الضفة الأخرى من البحر، فالرواية تستدعي أجمل ما فيها وتترك للقارئ أن يكتشف ربما وجهها الجديد. وحول اعتماده على تقنية «الفلاش باك» في عملية السرد، وحشد أحداث في خطين متوازيين بين جدة وأسمرا قال: «أردت وضع القارئ أمام هذه الثنائيات بشكل دائم: جدة - أسمرا، إرتيريا- السعودية، كمشتاتو- النزلة اليمانية، بحيث يصل الشعور مكتملاً بوطنين لا يمكن التمييز أين يبدأ الأول أو أين ينتهي الثاني». وعن اختياره للشاعرين الإرتيري محمد مدني والسعودي محمد الثبيتي أوضح جابر قائلاً: «أتمنى أن أكون قد وُفقت، وأنا أختار قامتين في الشعر في كل من إرتيريا والسعودية، فالاثنان لا يتشابهان فقط في الاسم الأول، بل يجمعها مشوار طويل من الجمال والنضال لأفكار ذات قيمة. كما أن القصائد المنتقاة تدعم بشكل أو بآخر فكرة الفصل الذي تتصدره». وأكد جابر أن «سمراويت» هي سيرة ذاتية، ولكن ليس لحجي جابر، «بل للإرتيريين في جدة، إذا وجد فيها الإرتيريون المقيمون في جدة أشياء تشبههم فقد نجحت في مهمتي. هي أصواتهم وآمالهم، وخيباتهم أيضاً. هي الصرخات التي أطلقوها وتلك التي تمنوا. وهي في النهاية محاولة لوضعهم تماماً أمام ما يرونه ويعرفونه، لكن بطريقة مختلفة».