قتل 30 جندياً يمنياً وجرح عشرات آخرين في هجوم مباغت شنه مقاتلو تنظيم «القاعدة» على ثكنات عسكرية في محافظة أبين (جنوب اليمن) فجر أمس. وجاء هذا الهجوم رداً على اغتيال القيادي في التنظيم والمطلوب لدى واشنطن فهد محمد القصع، بغارة نفذتها طائرة أميركية من دون طيار استهدفت سيارته في منطقة عزان في محافظة شبوة مساء أول من أمس. وأوضحت مصادر عسكرية ومحلية ل «الحياة» أن عشرات المقاتلين من عناصر «جماعة أنصار الشريعة» المرتبطة ب «القاعدة» شنوا هجوماً على ثكنات في منطقة الكود، في محيط مدينة زنجبار عاصمة محافظة أبين، ودارت اشتباكات عنيفة مع القوات الحكومية استمرت أكثر من ثلاث ساعات استخدم خلالها المهاجمون الأسلحة الثقيلة والمتوسطة قبل أن ينسحبوا إلى مدينة جعار المجاورة التي يسيطرون عليها منذ آذار (مارس) العام الماضي، ويطلقون عليها «إمارة وقار الإسلامية». وكانت مصادر عسكرية يمنية، طلبت عدم كشف اسمها، أكدت ل «الحياة» أن الغارات التي تنفذها طائرات أميركية وتستهدف مواقع «القاعدة» في اليمن غالباً ما تتم من دون تنسيق مسبق مع الجيش اليمني، وبالتالي لا تتمكن وحدات الجيش في المناطق المستهدفة من أخذ الاحتياطات الكافية لمواجهة وردع أي هجوم انتقامي من مسلحي «القاعدة». وأضافت: «إن الوعود الأميركية التي تلقتها وزارة الدفاع اليمنية بمد وحدات الجيش اليمني التي تتولى محاربة «القاعدة» بإمكانات وعتاد العسكري لم تتحقق بالشكل المطلوب، والقليل منها تأخر كثيراً». واعتبرت «أن الأزمة الراهنة وحال الانقسام في الجيش سهلتا ل «القاعدة» تنفيذ عمليات إرهابية موجعة ضد وحدات الجيش في محافظة أبين وعدد من المحافظات المجاورة في الأسابيع الأخيرة، ومنحت الأميركيين مساحة أكبر في إرسال الطائرات التجسسية فوق الأجواء اليمنية، من دون أخذ موافقة السلطات الحكومية». وأكدت هذه المصادر «أن هناك خطة عسكرية وأمنية لاقتحام مدينة زنجبار، ومناطق سيطرة «القاعدة»، لكن هذه الخطة لم يتم إقرارها في وزارة الدفاع في شكل نهائي نتيجة انقسام الجيش، وتأخر المساعدات الأميركية». وفي هذا السياق أقرّ مصدر في جماعة «أنصار الشريعة»، في اتصال هاتفي أجرته معه «الحياة»، بمقتل ثمانية من مقاتلي التنظيم خلال المواجهات، مضيفاً أن الهجوم الذي أطلق عليه اسم «غزوة وإن عدتم عدنا» استهدف ثلاث كتائب في منطقة الكود، وأن حصيلة القتلى في صفوف القوات الحكومية بلغت ثلاثين قتيلاً وعشرات الجرحى، بالإضافة إلى أسر ثمانية وعشرين جندياً، أفاد شهود بأنهم رأوهم يقتادون إلى مكان مجهول في مدينة جعار. وتحدث المصدر عن الاستيلاء على كميات من العتاد والذخائر. وذكر أن الهجوم جاء رداً على تهديدات الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي قبل يومين «بشن حرب على المجاهدين وما أعقب ذلك من أنباء ترددت عن إنزال قوات مارينز أميركية في قاعدة العند في محافظة لحج المجاورة لقتال أنصار الشريعة في أبين». ونفى مصدر عسكري يمني وجود أية أسرى من الجنود لدى «القاعدة»، لكنه أكد الهجوم على نقطة حصن جعفر واستراحة المشهور بمدينة زنجبار، ما أدى إلى مقتل 22 عسكرياً وجرح 12 آخرين «فيما تكبد الإرهابيون عدداً من القتلى والجرحى بينهم مجموعة من الأجانب». يذكر أن الهجوم جاء بعد حوالى 12 ساعة على مقتل ثالث أخطر قيادي في تنظيم «قاعدة الجهاد في جزيرة العرب» فهد القصع الذي تتهمه الولاياتالمتحدة بالضلوع في تفجير المدمرة الأميركية «كول» في ميناء عدن في تشرين الأول (أكتوبر) 2002. ويحتل القصع مكانة مرموقة في «القاعدة»، إذ عينه «أمير التنظيم» أبو بصير الوحيشي قبل عدة أشهر «أميراً» لولاية شبوة خلفاً للإمام اليمني - الأميركي أنور العولقي الذي قتل بغارة جوية في أيلول (سبتمبر) الماضي. وفي سياق متصل التقى الرئيس هادي في صنعاء عدداً من الشخصيات والقيادات العسكرية والأمنية، وقيادات محلية، وأعضاء في مجلسي النواب والشورى من أبناء محافظة أبين، واستمع منهم إلى طبيعة المشاكل والاختلالات الأمنية التي تشهدها المحافظة.