مع تحوّل ال «هاكرز» ظاهرة متصاعدة في عوالم الإنترنت، يبرز تلقائياً سؤال عن إمكان تجنّب وصولهم إلى المعلومات عندما يركّزون جهودهم على الحصول عليها. تتفاوت الآراء في ذلك الشأن. وهناك أصوات فرنسيّة ترى أن وقف ال «هاكرز» أمر يكاد يكون مستحيلاً. وفي تجربة عملية، انكبت مجموعة من خبراء «المعهد العالي للمعلومات» Institut Superieur de l'Informatique أعواماً متواصلة، على جهد منظّم بهدف إيجاد نُظُم إلكترونيّة متطوّرة تتمتع بكفاءة تقنية عالية في حماية المنظومة الرقمية من عبث ال «هاكرز». وصاغ إيريك فيليول، وهو خبير معلوماتي منخرط في تلك المجموعة، رأيه في تلك المسألة بالقول: «إن توفير الأمان للإنترنت معضلة دائمة رافقت نشوءها. ولا حل سحريّاً لها في المدى المنظور، بل إن حماية تلك الشبكة تتطلب كلفة ماليّة باهظة وجهداً بشرياً خارقاً. يمكن القول إن سرقة المعلومات أسهل وأسرع وأثمن من خطف ولد صغير والمُطالبة بفدية». وفي ذلك السياق، أشار تقرير صدر في وقت سابق عن الأممالمتحدة، إلى أن الجريمة الإلكترونيّة المنظّمة تمثّل تياراً متصاعد القوة. وأورد التقرير أن ما يزيد على 95 في المئة من أعمال السطو والتخريب لمواقع الأفراد والمؤسسات، جاء من قِبَل مجموعات مُنظّمة تملك خبرات واسعة وإمكانات تكنولوجية وفنية متطورة، كما تتقن أساليب المناورة والخداع والاحتيال. ووفق التقرير، أعطت تلك الأمور مجموعات ال «هاكرز» القدرة على اجتياز معظم مفاتيح الأمان واقتحام مواقع ال «ويب» والاختفاء خلفها عبر شبكات فرعية أو وصلات الكترونية تضلّل مستخدمي الإنترنت. وانسحبت معظم تلك المجموعات بعد انتهاء هجماتها، من دون أن تترك وراءها أثراً. العدوى ونقلها على نطاق واسع، تتزايد أعمال القرصنة والسطو على المعلومات يوماً بعد يوم، ولا توفر حتى المواقع التي تعتبر نفسها محمية بشكبة من مفاتيح الأمان، إذ طاولت عدداً كبيراً من المصارف وبطاقات الائتمان التي تعتبر الأهداف الأكثر عرضة لضربات ال «هاكرز». في المقابل، كثيراً ما يعمد المسؤولون عن المصارف إلى التستّر على أخبار تلك الهجمات. ولا يتقدمون بشكاوى قضائية، ولا يستعينون بالشرطة، في مسعى للحفاظ على سمعة المصارف وعدم الإضرار بثقة الزبائن بها، على رغم تحمّلها كلفة المبالغ المسروقة. وفي هذا الصدد، أشار فيليول إلى ان ال «هاكرز» المحترفين يهددون أمن الإنترنت بمجموعة من الأسلحة الفتاكة التي يتّخذ بعضها شكل رسائل إلكترونية «مُلغّمة» بفيروسات قاتلة. وضرب مثلاً على ذلك نوعاً فتّاكاً من الفيروسات هو «بوت نتس» Botnets التي باتت التهديد الأقوى للأمن الإلكتروني العالمي. وبيّن أن فضاء الشبكة العنكبوتية يحتوي أكثر من 4 ملايين فيروس من هذا النوع. وشبّهها بالقنابل التي تستطيع دكّ تحصينات مواقع ال «ويب» وتفجيرها مهما بلغت درحة الحماية والتحصينات حولها. وذكّر فيليول بما حصل في دولة استونيا في العام 2007 حين استعملت ال «بوتنتس» في «حرب الإبادة» الإلكترونية التي استهدفت مجموعة ضخمة من خوادم الإنترنت في هذا البلد. وأدى ذلك «القصف» إلى توقّف كل الخدمات الإلكترونية وأصابتها بالشلل التام. ونبّه فيليول أيضاً إلى أن الشركات والمؤسسات باستطاعتها تصنيع نسخها الخاصة من «بوتنتس»، في حال أرادت استخدامها لاستهداف منافسيها. وتحدث فيليول عن سُبُل حماية المواقع الإلكترونية، مشيراً إلى أن برامج الحماية من نوع «جدران النار» تعجز عن ردع تلك الاعتداءات الإلكترونية، حتى في نسخها الأكثر تطوّراً. وينطبق الوصف عينه على برامج مكافحة الفيروسات الرقمية، لأنها لا تصدّ إلا الفيروسات الإلكترونية الشائعة، ما يجعلها علاجاً موقتاً لهذه المعضلة. وصنّف فيليول الفيروسات الإلكترونية موضحاً أن بعضها يعمد الى الهجوع في الكومبيوتر المُصاب لإسابيع أو أشهر، مُكتفياً ب «نقل العدوى» إلى حواسيب أخرى.