إسطنبول - رويترز - خلال اجتماع مع المعارضة السورية تجمع قياديو جماعة الإخوان المسلمين السورية حول زملائهم من الماركسيين السوريين، لبحث تطورات الوضع على الأرض وأداء المجلس الوطني السوري، لكن كان من الصعب التمييز بينهم. إذ يعيش الكثير من أعضاء جماعة الإخوان المسلمين في الغرب ولا يطلق البعض اللحى التي تميز أعضاء الجماعة لهذا يصعب تمييز الإخوان من اليساريين. لكن هناك خلافاً بسيطاً في شأن من الذي يمسك بمقاليد الأمور. فقد استعادت جماعة الإخوان عافيتها بعد أن ضعفت تماماً في الداخل منذ 30 سنة حين تحدت حكم الرئيس السوري الراحل حافظ الأسد، لتصبح الآن القوة المهيمنة بين جماعات المعارضة من الخارج خلال الانتفاضة الممتدة منذ 14 شهراً على حكم الرئيس بشار الأسد. وتحرص جماعة الإخوان على عدم تفكيك المعارضة السورية ممثلة خصوصاً في المجلس الوطني، لهذا قللت من شأن نفوذها المتزايد داخل المجلس الوطني السوري الذي يرأسه برهان غليون الأستاذ الجامعي الليبرالي المقيم في باريس. وقال علي صدر الدين البيانوني القيادي السابق بجماعة الإخوان لأنصاره في تسجيل فيديو إن الاختيار وقع على غليون لأنه «وجه مقبول لدى الغرب وفي الداخل»، وأضاف أن الجماعة لا تريد أن يستفيد النظام إذا أصبح إسلامي رئيساً للمجلس الوطني السوري. ويتداول معارضو الإخوان اللقطات سعياً إلى إبراز نفوذهم غير المعلن. وقال البيانوني إنه تم ترشيح غليون «كواجهة للعمل الوطني وإن جماعة الإخوان لا تتحرك الآن منفردة وإنما تنضوي تحت لواء جبهة تضم كل التيارات». وجماعة الإخوان المسلمين في سورية فرع للجماعة التي تأسست في مصر في عشرينات القرن الماضي. وكانت الجماعة أحد صغار اللاعبين السياسيين قبل انقلاب حزب البعث عام 1963 لكن الدعم لها تزايد تحت حكم الرئيس حافظ الأسد بسبب استهدافها من قبل النظام. وتعي جماعة الإخوان المخاوف الدولية من تولي الإسلاميين الحكم وبواعث قلق الأقليات العرقية والدينية لهذا فإنها تقدم نفسها بوصفها جماعة معتدلة تتبنى أجندة إسلامية اقرب إلى النموذج التركي. وفي الشهر الماضي أصدرت الجماعة بياناً رسمياً تضمن تعهدات باحترام حقوق الأفراد. وتحظى الجماعة بدعم أنقرة وبعد الصعود السياسي للإخوان في مصر وتونس وليبيا منذ اندلعت انتفاضات الربيع العربي قبل اكثر من عام لهذا فإنها جاهزة لتصبح على رأس أي نظام حاكم في سورية. وتقول مصادر بالمعارضة إن جماعة الإخوان تعمل في صمت وتمول المنشقين المنضوين في «الجيش السوري الحر» المتمركزين في تركيا وترسل المال والإمدادات إلى سورية لتحيي بذلك قاعدتها بين صغار المزارعين وأبناء الطبقة المتوسطة من الطائفة السنية في سورية. وقال فواز تللو وهو معارض ليبرالي مخضرم ومسلم متدين «نحن نتعارك بينما يعمل الإخوان». وأضاف تللو السجين السياسي السابق الذي فر من سورية منذ أربعة اشهر «اكتسبوا السيطرة على قسم المساعدات بالمجلس الوطني السوري والمكتب العسكري وهما المكونان المهمان الوحيدان به». ومضى يقول «مازال عليهم أن يبذلوا المزيد من الجهد لكسب تأييد في الداخل. الكثير من رجال الدين والنشطاء والمعارضين لا يريدون أن يتم ربطهم بهم». غير أن تللو اعترف بأن جماعة الإخوان استعادت نفوذها داخل سورية بخاصة في مدينتي حمص وحماة ومحافظة إدلب الريفية على الحدود مع تركيا وكلها معاقل للانتفاضة. وليست هذه بالمهمة الهينة بعد ثلاثين سنة من الغياب السياسي. وفي اختلاف عن الحكام العرب الذين حاولوا استمالة حركات الإخوان المسلمين بالسماح لهم بممارسة نشاطهم على نطاق محدود فإن النظام السوري استبعد إخوان سورية وجميع جماعات المعارضة الأخرى من النظام السياسي. واكتوت جماعة الإخوان بنار القمع على مدار سنوات، وفي عام 1980 صدر مرسوم ينص على معاقبة من يثبت أنه عضو في الجماعة بالإعدام. وقال ملهم الدروبي الذي تلقى تعليمه في كندا وهو أحد زعماء جيل الشباب في الإخوان المسلمين إن الجماعة «لا يعنيها الصعود السياسي بالدرجة الأولى». وذكر أن الإخوان يمثلون الحلول الوسطى وليسوا متطرفين سواء إلى اليسار أو اليمين وأن برنامجهم هو الأكثر قبولاً لدى الشارع السوري. وأضاف «نعمل على إسقاط بشار الأسد وخدمة الشعب السوري كأولوية وليس لإيحاد قاعدة شعبية. ما عدا ذلك فالتنافس بين المعارضة نتركه للمستقل». ومع ذلك أقر الدروبي بأن الطريق إلى الديموقراطية «سيكون أكثر دموية»، وأضاف أن الإخوان بدأوا مساندة المقاومة المسلحة بشكل جدي منذ نحو شهر. وقسمت المسألة الجماعة بشدة في الثمانينات عندما حملت السلاح ضد النظام. وقتل نحو 20 ألف شخص عندما اجتاح الجيش مدينة حماة عام 1982 للسيطرة على النفوذ المتزايد للجماعة. وقال الدروبي إن ليس هناك خلاف الآن في شأن ضرورة المقاومة المسلحة إلى جانب الاحتجاجات ضد النظام. وتابع أن كثيرين من الشعب السوري قتلوا واغتصبوا وأن الإخوان ملتزمون بإقامة ديموقراطية متعددة الأحزاب في حالة الإطاحة بالنظام. وأشار الدروبي إلى برنامج سياسي كشف عنه الإخوان الشهر الماضي في إسطنبول والذي تعهد بإرساء ديموقراطية متعددة الأحزاب مستقبلاً في سورية، وذكر البرنامج أنه من خلال التوافق سيتم صياغة دستور جديد يكفل تمثيلاً عادلاً للجماعات الدينية والعرقية المختلفة. واستطرد قائلاً إن أطروحات الإخوان المسلمين السوريين أكثر تقدماً من جماعات الإخوان في البلدان الأخرى. وقال باسم اسحق المعارض المسيحي الذي يعمل مع الإخوان المسلمين ضمن المجلس الوطني السوري إن البرنامج يحمل ملامح براجماتية الإخوان. وقال اسحق «إذا ما واتتهم الفرصة للوصول إلى السلطة بأنفسهم سيفعلون لكنهم يدركون أن ذلك سيكون صعباً في بلد 30 في المئة من سكانه ينتمون لأقليات دينية وعرقية. فقد الشارع إيمانه بالساسة اليساريين. فبعد القمع الذي حدث في الثمانينات تفرق شمل اليساريين. حافظ الإخوان على تماسكهم وأعادوا بناء (الجماعة) في المنفى بمساعدة منح قدمها أثرياء سوريون وبمساندة من الخليج». وفي استعراض لعضلاتهم المالية وصلت عناصر من جماعة الإخوان الشهر الماضي محملين بحقائب المال إلى معسكر الجيش السوري الحر في منطقة تركية على الحدود مع سورية قرب أنطاكية. وقالت مصادر بالمعسكر إن الإخوان يدعمون العقيد رياض الأسعد أحد أبرز المنشقين عن الجيش السوري الرسمي العام الماضي وهو على خلاف حالياً مع ضباط كبار آخرين انشقوا في وقت لاحق. ويطلق العقيد الأسعد حالياً لحية على غرار أعضاء الإخوان. كما أن نشطاء الاحتجاجات الذين لا تربطهم أي صلة بالإخوان استمالتهم أيضاً وعود الدعم الفوري للانتفاضة.