مصر دولة عربية شقيقة لا يشق لها غبار، حاضرة في كل المشاهد، نعتبرها نحن السعوديوين من أقرب الدول والشعوب لنا أنساً وعمقاً في العلاقات السياسية والاجتماعية خصوصاً، مشاعر المحبة ووشائج القربى من أميز ما يربط بيننا وبين الأخوة الأشقاء، كنا إلى فترة بسيطة متفاعلون مع ثورة 25 يناير، من أجل تحقيق ما كنا نظنه تطلعات شريفة للشعب المصري الشقيق، بغية بناء دولة عصرية جديدة، ولكن اضطراب الأحوال هناك وعدم وضوحها، يستلزم منا التوقف! لا يمكن لكائن من كان سواء من إخواننا في بلاد الكنانة أو غيرهم أن ينكر تفاعل الشارع السعودي مع مطالب الشعب المصري إبان ثورته، ناهيك عن وقوف قيادة المملكة العربية السعودية إلى جانب الأشقاء في مصر في محنهم المتعاقبة، سواء كانت في المشهد السياسي أو الاقتصادي، أيادي الخير والعطاء في بلادنا، امتدت إلى أصقاع مصر الحبيبة دون منة، ناهيك عن مئات الألوف من المصريين الذين امتلأت بهم قطاعات الدولة العامة والخاصة من الأكاديميين والمدرسين والمهندسين والأطباء، وكذلك الشوارع والمزارع المكتظة بالعمالة المصرية، لم يأت جميع هؤلاء من أجل سواد عيوننا، بل لما رأوه لدينا من أمن واقتصاد متين، ساعدهم على العيش بكرامة وعلى توفير مستقبلهم وأسرهم في بلادهم، لم يزل السواد الأعظم من هؤلاء الذين نالوا شرف العمل في بلادنا، يعزون ما هم فيه من خير لهذه البلاد وأهلها، يتذكرونه ويشكرون له، لكن هذا الأمر اقتصر على الحكماء والعقلاء منهم وهم كثر، والمواقف تظهر معادن الناس. لما حدث القبض على المحامي المصري ذي اللقب الحركي "احمد الجيزاوي" في مطار الملك عبدالعزيز بجدة بالجرم المشهود والاعتراف الممهور، قامت الدنيا عند بعض الغوغائيين ولم تقعد، تؤججها بعض وسائل الإعلام الصفراء المأجورة، التي تستنطق الجهلة ممن اخترع الكلمات القذرة ووجهها صوب حكومة وشعب المملكة، وكلنا شاهد المرأة المتحجبة وهي تنال من المملكة وسيادتها وتتحدث عن عهود ما قبل التاريخ وتصفنا بالحيوانات والجهلة ورعاة "المعزا!" وتتوعد لما بعد النفط، كلكم شاهدتم كيف تستنطق وهي تنساق لما يراد، حتى الشيخ محمد بن عبدالوهاب رحمه الله لم يسلم منها. كل ما نطقت به هذه "الملسونة" وكل ما أقدم عليه هؤلاء الجهلة والغوغائية من تصرفات سلوكية وشعارات مرفوضة، لا تمت إلى الأخلاق العربية والإسلامية عامة، فضلاً عن وشائج المحبة والعلاقة المتينة بين الشعبين التي يقدرها العقلاء فقط في البلدين الشقيقين، الهجوم على السفارة والقنصليات السعودية والنيل من رمز هذه البلاد وشعبها بعبارات سوقية مستهجنة، وإنزال علم المملكة وإحراقه، سلوكيات همجية، تشي بذهاب البصيرة عند هؤلاء الرعاع، الذين يسعون لاغتيال ثورتهم التي لم يفيقوا من تبعاتها، ولم تستقر أحوال بلادهم بعد! الغوغائيون لا يدركون بجهلهم أنهم يقدمون خدمات مجانية لإيران، بدليل تصريحات مسؤوليها، وكذلك للنظام السوري، فهل هذا ما يرمي إليه هؤلاء الغوغائية، الذين نحن ندرك أنهم لا يمثلون إخواننا الشرفاء في مصر. لكن ثمة سؤال يطرح نفسه، وهذا مربط الفرس! أين العقلاء جميعاً عن هذه الزمرة التي تدافع عن المفسدين؟! ليس في وسعهم جهل أنظمة وقوانين المملكة، خصوصاً فيما يتعلق بمحاربتها للمخدرات والعقوبة المغلظة لمروجيها. إنك لتعجب ممن يسعى لإيجاد تكأة للعدو الذي بدأ ممارسة أدواره الملتوية في مصر، مستغلاً الفراغ السياسي فيها. والله عيب أن تتحول قضية فرد يدعي أنه محامي وحقوقي، ضبط وبحوزته حبوب مخدرة، وكأنه بطل قومي في نظر هؤلاء الموتورين المدفوعين في مصر، يحاولون من خلال قضية بطلهم الموهوم، الإساءة لبلادنا ورمزنا والمتاجرة بمكانتنا العالمية، لنكون ضحية صراعات سياسية وحسابات داخلية مصرية. هم بلا شك واهمون، واهمون، وأنا على يقين بأن غالبية المصريين الشرفاء من الشعب والساسة، يستنكرون ما حدث من هؤلاء الغوغائية المأجورين تجاهنا وبلادنا وقادتنا، لكن يجب أن يكون لهذه الغالبية صوت مسموع تجاه هذه التجاوزات غير المحسوبة، فالمرحلة في منطقتنا عامة وفي مصر العروبة خصوصاً، لا تستحمل مثل هذه الألاعيب التي تخدم الآخر ويطرب لها ويتمنى استمرارها واستفحالها في ظل غياب من يعقل أصحابها ويردها عن غيها. بقي القول إننا في المملكة بدأنا بالفعل نخاف على مصر العروبة من الضياع، في ظل فقدان الشرعية وهيمنة الفوضى بامتلاك الشارع زمام تشكيل الرأي العام المصري، نقولها بمرارة وحسرة، مع تقديرنا للمواقف المشرفة من الجالية المصرية بيننا، والمستنكرة لألاعيب وشعارات الغوغائية والإعلام الأصفر هناك. وأخيراً: نبارك لنا وللشعب المصري الحبيب لم الشمل ونهاية المشكلة بلقاء الجمعة الجميل، ودام لنا خادم الحرمين الشريفين. [email protected]