دمشق - أ ف ب - تخلو حملات غالبية مرشحي انتخابات مجلس الشعب السوري المقررة في السابع من ايار (مايو) من البرامج السياسية وتبدو منفصلة عن الواقع بعد اكثر من عام من اعمال العنف والمواجهات بين النظام ومعارضيه. ويبدي مؤيد وهو طالب جامعي (21 عاماً) استياءه من تنظيم الانتخابات في هذه الاوقات «العنيفة والدموية»، في اشارة الى الاضطرابات التي تشهدها البلاد منذ منتصف آذار (مارس) 2011 والتي اسفرت عن مقتل اكثر من 11 الف شخص غالبيتهم من المدنيين. أما عامر وهو مهندس (43 عاماً) فيقول انه سيمتنع عن الادلاء بصوته «لأنني لا أعرف أحداً من المرشحين الجدد»، معرباً عن خيبة امله من «عدم تمكن اعضاء المجلس القديم من تحقيق أي انجاز او مطلب شعبي». وتبدو شعارات الحملة خالية من أي مضمون سياسي او حتى اجتماعي او مطلبي. ومنها «منكم الصوت ومنا العمل» و»الوطن حقوق وواجبات» و»فصل السلطات» و»ايد بايد بشكل جديد» و»سورية فوق الجميع، سورية مسؤولية الجميع» و»حكموا ضميركم وامنحوني ثقتكم». ومن الشعارات الانتخابية العامة ايضاً «صوت من لا صوت له، صوت الاطفال في مجلس الشعب» و»السلطة للشعب، الكرامة للوطن، والثروة للجميع» و»للوقاية من براثن الفساد» و»صوت العقول النيرة والسواعد المنتجة» و»لا أملك شراء اصواتكم، ولكنني املك الدفاع عن حقوقكم». ويبلغ عدد الناخبين 14 مليوناً مدعوين لاختيار 250 عضواً في مجلس الشعب من بين 7195 مرشحاً منهم 710 امراة. وهي الانتخابات الاولى التي تجرى بعد صدور قانون يسمح بالتعددية الحزبية في سورية جاء من ضمن سلسلة اصلاحات اعلنتها السلطات في محاولة لاستيعاب الحركة الاحتجاجية القائمة منذ منتصف آذار 2011. ويلغي الدستور الجديد الدور القيادي لحزب البعث القائم منذ خمسين عاماً. الا ان المعارضة تنظر الى الانتخابات على انها «مهزلة»، مؤكدة ان المشاركة فيها ستقتصر على مؤيدي النظام. وقال عضو المجلس الوطني السوري بشار الحراكي ان الانتخابات «تمثيلية، ومهزلة جديدة تضاف الى المهازل التي قام بها النظام». واضاف: «لا يمكن ان تكون هناك مذابح تحصل في حق الشعب السوري وندّعي ان هناك انتخابات»، معتبراً ان «المرشحين هم عملاء للنظام»، و»الذين سينتخبون هم من مؤيدي النظام». ورأى ان «لا صدقية ولو قليلة لكل ما يقوم به هذا النظام». ويكثف التلفزيون الرسمي الحوارات مع المرشحين والناخبين ولا تتطرق الى عمق الأزمة الحالية في سورية، بل تركز على الاصلاحات والاحزاب الجديدة والمطالب المعيشية وقضية الجولان المحتل من اسرائيل. كما يبث مقاطع اعلانية تدعو الى المشاركة في الانتخابات فيها «فكر بمستقبل سورية» و»مجلس الشعب، صوت الشعب» و»صوتك ملكك، امنحه بقناعة». وأكد وفيق (صاحب محل تجاري، 38 عاماً) انه سيشارك في الانتخابات ايماناً منه «بالاصلاحات الجارية وبأن البلد يتجه نحو الديموقراطية وهذه فرصة للمحتجين للادلاء بدلوهم». وقال احد زبائنه بأنه سينتخب احد اعضاء لائحة الوحدة الوطنية التي رشحتها الجبهة التقدمية باشراف حزب البعث «لان من تعرفه خير ممن تتعرف عليه». وكان مقرراً ان تجرى هذه الانتخابات في ايلول (سبتمبر) 2011، لكنها ارجئت لكي يتاح «للاحزاب ان تكون مستعدة لها»، بحسب السلطات السورية. ولجأ بعض الاحزاب التي تشكلت أخيراً في حملاته الانتخابية الى فعاليات تظهر رغبتها بترسيخ دورها في الدفاع عن مصالح المواطنين. ونفذ اعضاء حزب انشىء حديثا اعتصاما في نهاية شهر نيسان (ابريل) امام وزارة الاقتصاد «احتجاجا على غلاء الاسعار». ولجأت قياداته الى الاضراب عن الطعام الى ان زار وزير الاقتصاد مقرهم للاستماع الى مطالبهم ووعد بتنفيذها. كما نفذ حزب آخر اعتصاماً امام مقره في دمشق للمطالبة «بتخصيص الاراضي المستملكة لبناء مساكن او اعادتها لاصحابها ووضع حلول للمساكن العشوائية». وركز حزب ثالث حملته الانتخابية على دعوة المرشحين الى عدم تلويث البلاد بالملصقات والصور. ودعت احدى لوائح المرشحين الناخبين الى التصويت لها تحت شعار «خلي التغيير حقيقي» ودعت الى توزيع عادل للفرص ومكافحة الفساد. ويقول معتز (مهندس، 49 عاماً) بانه سيعطي صوته لاحد الاحزاب التي «تشكلت حديثا والتي اعلنت اختلافها»، مشيراً الى ان لديها «برنامجاً لصالح البلد، لذلك يجب اعطاؤهم فرصة لنرى ماذا بامكانهم ان يفعلوا». ويضيف: «إلحق الكذاب حتى وراء الباب».