دمشق، بيروت - «الحياة»، أ ف ب، رويترز - شهدت مناطق عدة في سورية تصعيداً في أعمال العنف أمس، وتكبدت القوات النظامية الخسائر الأكبر منذ دخول وقف إطلاق النار حيز التنفيذ قبل ثلاثة أسابيع. وتحدث ناشطون وشهود عن كمائن واشتباكات عنيفة بين الجيش النظامي ومعارضين في ريف حلب ودمشق وريفها ودير الزور ودرعا ما أدى إلى مقتل 15 عنصر أمن في حلب، ومقتل 6 آخرين في حرستا بريف دمشق. في موازاة ذلك تحدثت منظمات حقوقية سورية عن مواصلة الجيش عملياته في إدلب وعن إطلاق النار على مدنيين بحضور المراقبين في المدينة، وعن إطلاق النار لليوم الثاني على التوالي على تظاهرة ليلية في حي التضامن في دمشق ومناطق أخرى من العاصمة. ففي ريف حلب (شمال)، قال المرصد السوري لحقوق الإنسان في بيان أمس: «قتل 15 من قوات الأمن السورية بينهم ضابطان كبيران برتبة عقيد و13 من عناصر الأمن وذلك اثر كمين نصب لهم على طريق بلدة الراعي» فجر أمس. وكانت البلدة القريبة من الحدود التركية شهدت اشتباكات ليلية أسفرت عن مقتل منشقين. وأفاد المرصد السوري بهذا الصدد «استشهد مقاتلان من المجموعات المسلحة المنشقة ... اثر اشتباكات وقعت بعد منتصف ليل الثلثاء الأربعاء في بلدة الراعي» القريبة من الحدود التركية. وتجددت العمليات العسكرية الواسعة في الأيام الماضية، بحسب ناشطين في مناطق ريف حلب، بعد أن كانت قد توقفت هذه العمليات جزئياً خلال الأسابيع الماضية، مع دخول وقف إطلاق النار حيز التنفيذ في الثاني عشر من نيسان (أبريل). أما في حيي الفردوس والأعظمية بمدينة حلب، فتحدث ناشطون عن دوي عدة انفجارات تزامنت مع تظاهرات مسائية في عدة أحياء بالمدينة وفي بلدات وقرى بريفها طالبت بإسقاط النظام. وفي ريف دمشق، أفاد المرصد السوري عن مقتل «مواطنين برصاص القوات النظامية السورية عندما كانا في حافلة صغيرة بمدينة داريا التي شهدت اشتباكات عنيفة بعد منتصف ليل الثلثاء الأربعاء أصيب خلالها خمسة من قوات الأمن السورية بجروح». كما دارت اشتباكات عنيفة في مدينة حرستا، ريف دمشق، ليلاً واستمرت حتى الفجر بين القوات النظامية من جهة، وجنود انشقوا عنها ومقاتلين من المجموعات المنشقة المسلحة من جهة أخرى أسفرت عن مقتل ستة جنود نظاميين، بحسب المرصد. ونفذت قوات الأمن السورية حملة مداهمات واعتقالات في حرستا والزبداني، وانتشاراً أمنياً وعسكرياً في بلدتي سقبا وكفربطنا. وتشهد مناطق ريف دمشق عمليات مستمرة للقوات النظامية لا سيما في مدينتي دوما وحرستا. كما ذكر ناشطون سوريون أن قوات الأمن والجيش اقتحمت بلدة داريا في ريف دمشق من عدة محاور، وذلك لتنفيذ اعتقالات قُبيل قدوم المراقبين الدوليين «في محاولة من النظام لإسكات أهالي المدينة». كما شنت قوات الأمن والجيش حملات دهم واعتقال في منطقة الغوطة الشرقية في ريف دمشق، حيث وقع انشقاق كبير في صفوف الجيش السوري بحسب النشطاء. وبث ناشطون على مواقع الثورة السورية على شبكة الإنترنت صوراً لتظاهرة حاشدة في منطقة جوبر في العاصمة دمشق تطالب بالحرية وتؤيد «الجيش الحر». كما بثوا صوراً تظهر من قالوا إنهم أعضاء في «اتحاد شباب دمشق للتغيير» وهم يشعلون إطارات لقطع أحد الطرق الرئيسية التي تصل بين دمشق والعاصمة الأردنية عمّان. كما بث ناشطون صوراً لقطع طريق رئيسي في منطقة المهاجرين وسط دمشق. وفي حمص وريفها، تحدث ناشطون عن تعرض قلعة الحصن بريف حمص لقصف عنيف من الجيش السوري، وعن وقوع انفجار في حي الخالدية خلال الليل. وأفادوا بأن أعمدة الدخان شوهدت تتصاعد في حييْ القصور والقرابيص في المدينة. من جهة أخرى خرجت تظاهرات في حي الوعر في حمص وفي الرستن في ريف حمص. وردد المشاركون هتافات تطالب بإسقاط النظام. وأظهر تسجيل مصور مراقبي الأممالمتحدة يلتقون بالسكان في حي الخالدية في حمص وناشطاً يحاول أن يقدم لهم تقريراً عن الوضع في المدينة. وفي محافظة دير الزور (شرق)، أفاد المرصد السوري بتعرض قرية الدحلة لقصف القوات النظامية، فيما تعرضت مدينة القورية لحملة اعتقال ومداهمات وحرق لمنازل بعض النشطاء. وفي درعا (جنوب)، قتل مواطن بنيران القوات النظامية في منطقة اللجاة، فيما سمع صوت إطلاق رصاص كثيف في داعل. وأفاد ناشطون سوريون أن سبعة أشخاص قتلوا أمس وأصيب آخرون بجروح في عمليات اقتحام وقصف عنيف نفذه الجيش السوري ضد عدد من المدن والبلدات. وأحصت الشبكة السورية لحقوق الإنسان قتيلين في حمص ومثلهما في حلب وواحداً في كل من دمشق وريفها ودرعا. ويأتي هذا التصعيد على رغم وجود مراقبين دوليين في مناطق عدة لمراقبة وقف إطلاق النار الذي يشهد خروقات متصاعدة أسفرت يوم أول من أمس عن مقتل 34 شخصاً على الأقل غالبيتهم من المدنيين، وفقاً للمرصد السوري. ويفترض أن يصل عدد المراقبين في سورية إلى 300 بحسب خطة كوفي أنان التي تنص على وقف العنف بإشراف أممي، وسحب الأسلحة الثقيلة من المدن، والسماح بدخول المساعدات والتظاهر السلمي، والإفراج عن المعتقلين السياسيين، والبدء بحوار حول مرحلة انتقالية. ورفضت السلطات السورية منح ثلاث تأشيرات لمراقبين دوليين، بحسب مسؤولي الأممالمتحدة، من دون إعطاء تفاصيل حول جنسيات هؤلاء المراقبين ولا عن الأسباب التي ذكرتها دمشق. إلا أن دمشق أشارت إلى أن الاختلاف يتعلق بجنسية المراقبين، من دون أن تثير موضوع رفض التأشيرات.