وصلت أرامل أسامة بن لادن وأبناؤه إلى السعودية فجر أمس. وتلقت أسرهن النبأ من وزارة الداخلية السعودية ب«بفرحة بالغة»، إذ تأتي عودتهن بعد غياب الزوجتين السعوديتين منهن عن ذويهما، وغياب اليمنية 10 أعوام عن أهلها، وأبلغت مصادر مطلعة «الحياة» في الرياض أن طائرة خاصة أقلت الأرامل خيرية صابر وسهام الشريف، وأمل السادة (يمنية) من باكستان ليل الخميس، لتحط الطائرة في مطار الملك عبدالعزيز الدولي في جدة، مع أطفالهن وحفيد وحيد هو ابن عبدالله أبو الخير الذي قُتل في أفغانستان، تاركاً أرملته ابنة ابن لادن من سهام الشريف. ويأتي وصول الأرامل الثلاث، بعد تفاهم قضى بأن يتولى أمرهن، عبدالله أكبر أنجال بن لادن، الذي استأجر الطائرة الخاصة بتفاهم مع عمه عميد العائلة المهندس بكر بن محمد بن لادن. وأعرب الدكتور سعد الشريف (شقيق الأرملة سهام) عن شكره وتقديره لسلطات بلاده على تسهيلها عودة شقيقته إلى أسرتها وبلدها، بعدما قضت في الغربة نحو 20 عاماً، «فكانت كمن مات ثم بعث حياً من جديد». وقال ل«الحياة»، وهو بجوار أخته سهام (أم خالد): «نشكر الله في البدء على ما يسر وسهل، ثم نشكر حكومتنا الرشيدة على ما بذلت من جهود أثمرت وجود أم خالد الآن في دارها بعد مضي 16 عاماً مضت كأنها مئات السنين. وهذا الظن بالمسؤولين في بلدنا منذ البداية، ولم يخب ظننا، والحمد لله». وعن فرحة أم خالد قال: «لا يسعفها التعبير الآن، لكن منذ أن دخلت بيتها وهي تتمتم بالثناء على الله، وتردد «وكان فضل الله عليك عظيماً»، كأنها لا تصدق أنها وصلت، فقد تلاقت بإخوتها وأخواتها بعدما ظنت كل الظن أن لا تلاقيا. شيء لا يوصف يا أخي مهما حاولت أن أعبر لك عن فرحتها وفرحتنا. الحمد لله أبشر كل الذين يسألون عنها وعن زميلاتها بأنهن بخير وعافية، ووصلن بصحبة أبنائهن». ويعتبر الشريف أشبه ما يكون بالأب الروحي لسهام، والمسؤول أدبياً عن كثير مما حل بها من معاناة كما يقول هو نفسه، إذ أقنعها بالزواج من بن لادن، وإن كان أتاح لها بعد ذلك فرصة تركه، لولا أن أبناءها أرغموها على العودة إليه، وهو ما يفسر فرحته الطاغية بعودة أخته بشكل استثنائي، وبذله كل الجهد إلى جانب إخوته في سبيل أن تعود مع أبنائها وحفيدها. وإلى جانب السعوديتين، عادت كذلك أرملة بن لادن أمل السادة (اليمنية) برفقة أبنائها وشقيقها زكريا، الذي كان ملازماً لها في باكستان منذ قتل زوجها على يد القوات الأميركية في أيار (مايو) الماضي. وكانت أنباء سابقة أشارت إلى رغبة السادة في اللجوء إلى بريطانيا مع أبنائها، إلا أن مصادر مقربة من العائلة استبعدت أن توافق عائلة ابن لادن على التفريط في أبنائها، بعدما وافقت السلطات السعودية على لم ّشملهم بعائلتهم. وأعرب مصدر في العائلة عن امتنان العائلة الكبيرة للسلطات السعودية، التي نظرت إلى عائلة أسامة، من ناحية إنسانية، ولم تأخذ أبناءه بذنب أبيهم، بل أعادتهم إلى حضن أسرتهم «معززين مكرمين، وهذا ما عودنا عليه قادتنا، فمواقفهم الأبوية نحو مواطنيهم في أحلك الظروف لا تزيدنا إلا حباً وتقديراً لهم. جزاهم الله عنا كل خير». وكانت باكستان رحلت أفراد عائلة بن لادن قبل خمسة ايام من مرور عام على مقتله بيد وحدة كوماندوس اميركية اقتحمت منزله السري في بلدة أبوت آباد المجاورة للعاصمة إسلام آباد مطلع ايار (مايو) 2011. واقلعت طائرة خاصة من مطار إسلام آباد في الساعات الأولى صباح الجمعة، وعلى متنها الأرامل الثلاث لبن لادن و11 من أبنائه، بعد انتهاء التحقيقات معهم وتنفيذ النساء واثنتين من بناتهن عقوبة بالسجن 45 يوماً انتهت في آذار (مارس)، لإدانتهن بالإقامة غير المشروعة في البلاد. واوضحت السفارة السعودية في إسلام آباد أنها منحت أفراد عائلة بن لادن، بناءً على طلب الرياض، وثائق سفر لمن تنطبق عليهم الشروط، وتأشيرات زيارة لحاملي وثائق سفر يمنية بهدف تسهيل ترحيلهم. واشارت الى ان نائب رئيس بعثتها في إسلام آباد، جاسم بن محمد الخالدي، رافق العائلة إلى المطار. وكان بكر بن لادن، الشقيق الأكبر لأسامة، قدم طلباً الى الديوان الملكي في الرياض لإعادة الأرامل وأولادهن وإلحاقهن بالعائلة. لكن التحقيقات الباكستانية وتوتر العلاقة بين إسلام آباد وواشنطن أخّرت ترحيلهن نحو سنة. وتزامن الترحيل مع زيارة المبعوث الأميركي الخاص الى أفغانستانوباكستان، مارك غروسمان، لإسلام آباد، ومناقشته موضوع اعادة فتح باكستان طريق امدادات قوات حلف شمال الأطلسي (ناتو) عبر اراضيها. وتحدثت مصادر حكومية عن احتمال الموافقة على الطلب الأميركي بشروط جديدة تختلف عن تلك المعتمدة قبل اغلاق معابر إمدادات «الناتو» إثر مقتل 24 جندياً باكستانياً في غارة أميركية استهدفت معسكرهم في بلدة صلالة (شمال غرب) المحاذية للحدود مع افغانستان . ويشكل ترحيل عائلة بن لادن نهاية فصل مثير للجدل بالنسبة الى باكستان التي واجهت ضغوطاً أميركية شديدة لتفسير عدم علمها باختباء زعيم «القاعدة» لسنوات في أراضيها، ومكوثه في بلدة تضم أكاديمية للجيش. كذلك يُسدِل الترحيل الستار على تهديدات وجهتها حركة «طالبان باكستان» و «القاعدة» بتنفيذ عمليات ضد المصالح الباكستانية، بهدف الضغط لإطلاق أفراد العائلة.