"برشلونة شكراً وكفى"... هكذا إختصر جوسيب غوارديولا مسيرته مدرباً للنادي الكاتالوني، لدى إعلان تركه في نهاية الموسم الحالي، معتبراً أن أربعة مواسم كمدرب هي بمثابة "دهر، لقد أستنزفت وأنا في حاجة للطاقة. أردت إعلان القرار لعدم رغبتي باستمرار الارتباك... شكراً لعملكم ومحبتكم". موضحاً أنه سيعاود التدريب قريباً لكن "ليس مباشرة بعد رحيلي. لا أرغب في التدريب راهناً، يجب أن أرتاح". وأعلن ساندرو روسل رئيس النادي أن غوارديولا (41 سنة) سيترك النادي في نهاية الموسم الحالي، وسيخلفه في مهامه مساعده تيتو فيلانوفا. وكان روسل يتحدث في مؤتمر صحافي حاشد في ملعب "كامب نو" إلى جانب غوارديولا، وبحضور أندوني زوبيزاريتا المدير الرياضي ولاعبي الفريق الأول. وقال: "نعلن لكم رسمياً أن غوارديولا لن يبقى مدرباً للفريق في الموسم المقبل". وتابع: "بناء على إقتراح من زوبيزاريتا، وافقت عليه ادارة النادي، أعلن لكم أن المدرب الجديد سيكون تيتو فيلانوفا". وسبق أن أبلغ غوارديولا لاعبي فريقه برحيله نهاية الموسم الحالي، بحسب ما أوردت صحيفة "ماركا" الإسبانية الواسعة الاطلاع. ونقلت عن غوارديولا من دون أن تحدد المصدر، قوله للاعبين: "يا شباب، سأترك برشلونة"، وذلك قبل أن يكشف رسميا عن مستقبله. وأكدت صحف عدة أن روسل "عرض على المدرب في محاولة لإقناعه بالبقاء، سلطة قرار على الفريق أوسع وأكبر من السابق وشيكاً مفتوحاً". وكان غوارديولا الذي ينتهي عقده في حزيران (يونيو) المقبل والذي أحرز مع برشلونة 13 لقباً محلياً وقارياً ودولياً، ثار موضوع مستقبله في المؤتمر الصحافي بعد خروج برشلونة من نصف نهائي دوري أبطال أوروبا الثلثاء الماضيعلى يد تشلسي الإنكليزي، وقال "سأتحدث في الأيام المقبلة مع روسل وسأتخذ القرار المناسب". وهو نفى منتصف الشهر الجاري الأخبار التي تحدثت عن تركه برشلونة، من أجل تولّي الإشراف على تشلسي، معتبراً اياها من "نسج الخيال". علماً أن وسائل الإعلام أوردت أن غوارديولا يعتبر الهدف الأول لمالك تشلسي البليونير الروسي رومان أبراموفيتش، الذي أقال المدرب البرتغالي أندري فياش-بواش وعيّن مساعده الإيطالي روبرتو دي ماتيو بديلاً له حتى نهاية الموسم. لكن إغراءات أبراموفيتش المستعد أن يمنح غوارديولا راتباً سنوياً يقارب ال 16 مليون دولار بحسب تقارير، لم تلق طريقها إلى المدرب الشاب. يذكر أن "بيبي" أشرف على الفريق الرديف في برشلونة وقاده إلى دوري الدرجة الثالثة، قبل أن يختاره الرئيس جوان لابورتا ليكون مدرب الفريق الأول خلفا للهولندي فرانك رايكارد بدءاً من موسم 2008-2009. وكان خيار لابورتا في مكانه لأن غوارديولا نجح وعلى رغم إفتقاده إلى الخبرة التدريبية المطلوبة في خلق تجانس مميز في صفوف الفريق، مستنداً إلى فلسفة هجومية سلسة تتناسب مع مواهب اللاعبين الذين قرر الاعتماد عليهم بعدما تخلّص من الكاميروني صامويل ايتو والبرازيلي رونالدينيو والبرتغالي ديكو والإيطالي جانلوكا زامبروتا. ولا يمكن تجاهل ما فعله غوارديولا مع الفريق الكاتالوني خصوصاً عام 2009 عندما توّج بسداسية تاريخية مع أسلوب لعب جعله مضرب مثل في الأداء الهجومي السلس والنتائج على حد سواء، وليس هناك أفضل من لاعبيه للتحدّث عنه وبينهم جيرار بيكيه الذي قال: "إنه مدرب يجعلك تفهم كرة القدم. فهو لا يعطيك الأوامر فحسب، بل يشرح لك سبب كل أمر منها، وذلك يجعلك لاعباً أفضل لأنك تعرف الأسباب الكامنة وراء التعليمات. إن هذا يجعل لكل شيء معنى". وأثبت غوارديولا يوماً بعد يوم أنه افضل من خلف "معلمه" يوهان كرويف في تطبيق الكرة الشاملة التي إشتهر بها النادي الكاتالوني خلال حقبة "الهولندي الطائر". وكان كرويف الذي لعب أيضاً مع برشلونة، أول من طبّق أسلوب اللعب الشامل والتبادل السلس والمتواصل في النادي الكاتالوني، الذي أطلق عليه مع المدرب الهولندي لقب "فريق الأحلام" بين 1988 و1996. ونجح بيبي في السير على خطى مدربه السابق ومكتشفه كرويف، المدرب الوحيد الذي قاد النادي الكاتالوني إلى الفوز بلقب الدوري في ثلاث مناسبات على التوالي حين أحرزه أربع مرات متتالية من 1991 حتى 1994 عندما كان غوارديولا لاعباً في الفريق. ودخل غوارديولا تاريخ القارة العجوز منذ موسمه الثاني كمدرب عندما رفع عام 2009 كأس دوري أبطال اوروبا للمرة الثانية في مسيرته، بعد أن توّج بلقب هذه المسابقة عام 1992 كلاعب، ليصبح سادس من يفوز باللقب كلاعب وكمدرب، كما أصبح ثالث لاعب يحقق هذا الإنجاز مع الفريق ذاته بعد الإسباني ميغيل مونيوز (فاز كلاعب مع ريال مدريد عامي 1956 و1957 وكمدرب 1960 و1966)، والإيطالي كارلو أنشيلوتي (فاز مع ميلان كلاعب عامي 1989 و1990 وكمدرب عامي 2003 و2007). وأصبح غوارديولا (38 سنة و129 يوماً) حينها أصغر مدرب يحرز لقب المسابقة منذ 49 عاماً، وثالث أصغر مدرب في تاريخها، إذ سبقه مونيوز الذي كان عمره 38 سنة و121 يوماً عندما قاد ريال مدريد للفوز بنسخة عام 1960، في حين أن أصغر مدرب فاز باللقب على الإطلاق كان خوسيه فيالونغا بعمر 36 سنة و185 يوماً عندما فاز ريال مدريد بنسخة 1956. وتفوق غوارديولا حينها على المدرب العجوز ألكس فيرغوسون بعدما تغلّب برشلونة في المباراة النهائية على مانشستر يونايتد الإنكليزي، وجدد المدرب الشاب تفوقه على السير الأسكتلندي (69 سنة) لأنه نجح في قيادة النادي الكاتالوني إلى لقب المسابقة الأوروبية الأم للمرة الثانية خلال مشواره التدريبي بتغلبه في نهائي 2011 على "الشياطين الحمر".