«إنقاذ العراق: إعادة إعمار أمة مكسورة» كتاب صدر حديثاً عن دار «وايدينفلد أند نيكلسون» في لندن للرئيس التنفيذي لشركة الاستثمارات العالمية «انفستكورب» نمير قيردار. والكتاب الذي يقع في 297 صفحة يتضمن قراءة لماضي العراق بصورته المشرقة قبل الانقلاب على النظام الملكي عام 1958، وما حل فيه لاحقاً من تراجع بسبب الأنظمة القمعية والاشتراكية. وفي الفصول اللاحقة، يضع قيردار خلاصة خبرته العالمية وفهمه لأسباب نجاح الدول الغنية. يبدأ قيردار كتابه بقراءة التاريخ الحديث للعراق في ظل الوصاية البريطانية ثم الملكية التي يشدد على ان حكومتها «شجعت المشاريع الحرة وغذت الازدهار الاقتصادي عبر الاستثمار في البنى التحتية وإجراء تحسينات أخرى واسعة النطاق». ويُطعّم كتابه بتجاربه الخاصة وبعلاقاته بشخصيات مؤثرة في تاريخ العراق، لا سيما الملك فيصل الثاني الذي ربطته به علاقة عائلية منذ الطفولة حتى لقائهما الأخير قبل أشهر من مقتله في انقلاب تموز (يوليو) عام 1958. كان قيردار يوم مقتل صديقه ملك العراق الشاب، في انتظار طائرته الملكية في اسطنبول حيث يتابع دراسته الجامعية، إلا ان الرحلة لم تنطلق من بغداد، وخاب امل الصديق. لا يخفي الكاتب خيبة أمله من انقلاب عبدالكريم قاسم أو ما يُعرف ب «ثورة تموز»، بل يذهب الى حدث وصفه ب «بداية النهاية» للعراق. فما كان تركيزاً ملكياً على الإنماء والاقتصاد والتوصل الى تمثيل سياسي أوسع لشرائح المجتمع، استحال مع انقلابات العسكر خيبات متتالية أوصلت العراق الى وضعه الراهن. يخصص قيردار آخر فصول كتابه لتوصيات ومبادئ ما زال متفائلاً بقدرتها على استعادة مكانة العراق في حال تطبيقها على ايدي زعماء هذا البلد. وأول هذه المبادئ فصل الدين عن السياسة لما في ذلك من فوائد للدولة تنسحب حتى على الوضع الاقتصادي، لا سيما ان رجال الدين تنقصهم الكفاءة لإدارة مثل هذا الملف. وفي هذا الخصوص، يدعو الكتاب الى تعديل الدستور الحالي لإلغاء اعتبار الشريعة الإسلامية مصدر التشريع في البلاد، وإلى فترة حكم انتقالية للبلاد تركز على تعزيز الوضع الاقتصادي وتحضر لمرحلة إصلاح سياسي. كما يقدم قيردار خريطة طريق لتعزيز اقتصاد البلاد عبر الإفادة من احتياطها النفطي الثاني في العالم. وفي ختام كتابه، يشدد قيردار على خطأ الاحتلال الأميركي للعراق المتمثل في اختزال المرحلة الانتقالية المطلوبة في أعقاب إسقاط نظام الرئيس السابق صدام حسين، وعلى ان هناك فرصة لقيادة انتقالية تضع هذا البلد على المسار الصحيح.