لا يتجاوز عمر ديما الرابعة من العمر ولكنها تتكلم الإنكليزية بطلاقة تفوق الكثيرين من خريجي الجامعات العراقية في اختصاص اللغة، وتلفظ كلمات اللغة الفرنسية كأي بروفسور جامعي. ديما التي نشأت في أسرة تهتم بالأطفال وتنمي مواهبهم، بدأت تتكلم اللغة في الثانية من عمرها، بدعم من والدتها التي اخذت على عاتقها تعليمها اللغة الإنكليزية حتى باتت تتقنها بشكل يثير غيرة الكبار قبل الصغار من مواهب تلك الطفلة. وتقول والدة ديما إنها بذلت جهوداً كبيرة مع ابنتها لتعلّمها اللغة، وحتى زوجها يستغرب المرحلة التي وصلت اليها الطفلة في هذا المجال. وتضيف: «للأسف لا توجد مؤسسات تحتضن الطفل المميّز، حتى المدارس النموذجية تلتزم المناهج التقليدية للمدارس الحكومية، ولذلك أردت أن أهيئ ابنتي من البداية لتتخطى الكثير من المشكلات أثناء دراستها لاحقاً». ورغم التغيير الذي خضعت له المناهج الدراسية في العراق، فإنها تبقى أقل بكثير من طموحات الأسر إلى دعم أطفالها الذين يتمتعون بمواهب خاصة. ولا يحظى الطفل العبقري في العراق بالرعاية التي يلقاها أقرانه في الدول التي تهتم لأمر هذه الشريحة من الاطفال. فالرعاية الوحيدة التي يمكن ان ينالها الطفل العراقي تأتي من طرف الأسرة، ما يعني ان مَن يولد من هؤلاء المميزين او العباقرة لعائلات لا تهتم بأمرهم هم أكثر معاناة من غيرهم. والنظرة السائدة في المجتمع العراقي هي ان العبقرية امر متوارث في العائلات، ويأتي بالفطرة ومن الصعب أن يكتسبه الطفل من المجتمع، وإذا ما رُزِقت إحدى العائلات المتواضعة بطفل عبقري، فمن النادر أن تهتم العائلة بذلك الطفل وتدفعه الى تحقيق أحلامه. وأول الأمور التي يفتقر اليها الأطفال العباقرة وجود مدارس خاصة تحتضنهم وترعى مواهبهم، فهؤلاء الأطفال ينتظمون في المدارس ذاتها التي يدرس فيها باقي الأطفال ولا يحظون بأي فرصة مميزة عنهم إلا في عملية عبور المراحل الدراسية الذي اقرته وزارة التربية منذ سنوات طويلة تحت تسمية «نظام التسريع». «التسريع» هو النظام الوحيد الذي يلجأ اليه الأطفال العباقرة في مجال الدراسة لعبور مراحل دراسية والوصول الى الجامعة في عمر المراهقة، إذ يسمح هذا النظام لهؤلاء الاطفال بأداء امتحان المراحل الدراسية التي يرغبون فيها لعبورها الى مرحلة لاحقة، والطالب الذي يجد نفسه عبقرياً في المواد الدراسية للمرحلة المتوسطة يمكنه تقليص سنوات الدراسة في هذه المرحلة، وكذلك الحال للمرحلة الإعدادية عن طريق أداء الامتحانات في تلك المراحل وتجاوزها لدخول الجامعة.