يتنافس عشرة مرشحين يمثلون التيارات السياسية الفرنسية في الجولة الأولى من الانتخابات الرئاسية التي تجرى اليوم، في اختتام حملة تبدو نتائجها شبه معروفة ما لم تحصل مفاجأة، إذ يتصدرها الرئيس نيكولا ساركوزي المرشح لولاية ثانية ومنافسه الاشتراكي فرانسوا هولاند. وبدأت عمليات التصويت أمس لحوالى 900 ألف فرنسي في الأراضي الفرنسية ما وراء البحار، أو من المقيمين في القارة الأميركية. وبموجب الدستور الفرنسي توقفت الحملة رسمياً منتصف ليل الجمعة – السبت، والتزم المرشحون عدم الإدلاء بتصريحات في انتظار ما ستؤول اليه نتائج الجولة الأولى للاقتراع. كما حظّر على معاهد الاستطلاع نشر أي تقديرات لنسب الأصوات التي ستتوزع على المرشحين ويسود الانتخابات الرئاسية تخوف من ارتفاع نسبة الممتنعين عن التصويت، التي قد تصل إلى 29 في المئة في الجولة الأولى، لا سيما في أوساط الشباب والعمال وفقاً لما أشارت اليه استطلاعات الرأي، على رغم تنوّع البرامج الانتخابية، نظراً إلى ارتفاع عدد المرشحين وتفاوت توجهاتهم. لكن الانطباع الغالب لدى كثيرين من الناخبين الفرنسيين الذين يقدّر عددهم بحوالى 45 مليوناً، هو أن التنافس الفعلي محصور بين ساركوزي الذي يطمح إلى التقدّم على هولاند في الجولة الأولى واستغلال فترة الأسبوعين الفاصلين عن الجولة الثانية (6 أيار/ مايو) لإعادة تركيز حملته أملاً بالتفوق على منافسه، الذي أشارت الاستطلاعات على مدى الشهور الماضية إلى أنه الأوفر حظاً في الفوز بالرئاسة. وعلى رغم براعة ساركوزي الخطابية التي أكدها مجدداً عبر المهرجانات والمقابلات التي أدلى بها، فإن حملته التي ركزت على مخاطبة الناخبين اليمينيين واليمينيين المتطرفين، وعلى انتقاد شخصية هولاند وخبرته، لم تقلع فعلياً ربما نتيجة الأخطاء التي راكمها على مدى ولايته الرئاسية التي اتسمت في الرغبة بالتفرّد وحب الظهور. كما أن ساركوزي الذي كان وعد بالكثير على صعيد القدرة الشرائية والأجور والرفاهية قبل توليه الرئاسة عام 2007، وجد نفسه مضطراً لإدارة أزمة اقتصادية خانقة لم تساعده في الوفاء بوعوده، وحالت دون خوضه الانتخابات الحالية انطلاقاً من حصيلة ما أنجزه خلال السنوات الخمس الماضية. أما هولاند فخاض حملة تتسم بالثبات، ركّزت على ضرورة تغيير أسلوب إدارة شؤون البلاد لتحقيق مزيد من العدل في توزيع العائدات والحفاظ على المكاسب الاجتماعية ورص صفوف الفرنسيين وتحقيق المصالحة بينهم، معتبراً أن سنوات حكم ساركوزي فرّقتهم وألّبت بعضهم على بعض. واضطر هولاند في إطار برنامجه إلى مراعاة التيارات المختلفة داخل حزبه ومسايرة حلفائه اليساريين الذين سيلتفون حول ترشّحه في حال تقدّمه في الجولة الأولى، ما جعله يتمادى في التهجم على الأسواق المالية ويتعهّد فرض ضرائب ثقيلة على أصحاب المداخيل المرتفعة. لذا فإن ارتفاع نسبة مؤيدي هولاند قد لا يكون مرده تحديداً إلى شخصه أو برنامجه، بل الى درجة الرفض الذي يثيره ساركوزي لدى الرأي العام، بما فيه الشرائح اليمينية. وبالنسبة إلى الآخرين، فإن التنافس على أشده بين مرشحة اليمين المتطرف مارين لوبن ومرشح اليسار المتطرف جان لوك ميلانشون، إذ يراهن كل منهما على الحلول ثالثاً بعد ساركوزي وهولاند. ويطمح مرشح تيار الوسط فرانسوا بايرو إلى إحراز نسبة لائقة من الأصوات في الجولة الأولى، تتيح تحقيق مكاسب لتياره إذا قرر تأييد أحد المرشحين الرئيسيين في الجولة الثانية. أما صغار المرشحين، وهم مرشحة أنصار البيئة الخضر ايفا جولي ومرشحة القوى العمالية نتالي أرتو ومرشح الحزب المعادي للرأسمالية فيليب بوتو، والمرشح غير القابل للتصنيف جاك شوميناد، فقد أسمعوا صوتهم ودافعوا عن مواقفهم، لكن نسب التأييد التي يحظون بها ضئيلة، وقد لا تتجاوز لبعضهم 2 في المئة.