تتواصل في مراكش المغربية الاجتماعات السنوية لمؤسسات التمويل والمصارف المركزية العربية، التي انطلقت أمس في حضور عدد من وزراء المال والاقتصاد ومحافظي المصارف، للبحث في سبل تطوير التجارة البينية ورفع حجم تمويل البنى التحتية في المنطقة، وتسريع وتيرة النمو وإيجاد فرص عمل للشباب ومواجهة التحديات الاقتصادية والاجتماعية التي أوجدتها التحوّلات العميقة التي رافقت ثورات «الربيع العربي». ودعا الملك المغربي محمد السادس المشاركين في الاجتماع إلى اعتماد مقاربة إرادية وإطلاق جيل جديد من الإصلاحات الاقتصادية لإيجاد حلول مبتكرة وواقعية للتفاعل الإيجابي مع تحديات العولمة والتقلبات العالمية ومعالجة المشاكل الكبرى، كالفقر والبطالة والأمن الغذائي وندرة المياه والتغيرات المناخية وتحرير التجارة ومعالجة اختلال الأسواق المالية. وأشار في رسالة تلاها وزير المال والاقتصاد المغربي نزار بركة، إلى أن على المؤسسات المالية العربية تبنّي مفهوم جديد للنمو، يستجيب للشرائح التي تعاني التهميش والإقصاء عبر توفير العمل للشباب وضمان العيش الكريم للمواطن العربي. وأوضح وزير المال المغربي في تصريح إلى «الحياة»، أن الاجتماعات السنوية لهيئات المال العربية تأتي في سياق استثنائي تمرّ فيه المنطقة العربية، يوجب معالجة المشاكل المختلفة التي قادت إلى «الربيع العربي»، منها معضلة تعزيز النمو الاقتصادي ومعالجة بطالة الشباب، وحاجة المنطقة إلى أموال ضخمة لبرامج البنى التحتية. وقدرت مصادر من البنك الدولي حاجات التمويل ب 100 بليون دولار سنوياً على مدى العقد الحالي، لتسريع وتيرة النمو عبر الإنفاق على مشاريع البنى التحتية الأساسية لجعل المنطقة جذابة في استقبال رؤوس الأموال وتحسين مناخ الأعمال لرفع حجم الاستثمارات الخاصة. التمويل والنمو وناقش وزراء المال العرب التمويل الضروري لزيادة وتيرة النمو الاقتصادي، باعتبارها المنفذ الوحيد للتغلب على تحديات بطالة الشباب العربي. ويقدر عدد الوظائف التي يجب تأمينها في السنوات المقبلة، ب20 مليوناً سنوياً. وأوضح محافظ المصرف المركزي الموريتاني سيدي أحمد ولد الرايس، أن التحديات المطروحة تكمن في تقليص الفوارق بين الدول العربية، والإفادة من ثمرات النمو المتاحة والعمل على تمويل البنى التحتية والزراعية في الدول الأقل نمواً أو التي تعاني نقصاً في الموارد. وقدر المدير العام لصندوق النقد العربي جاسر المناعي في تصريح إلى «الحياة»، العجز المسجل في موازين المدفوعات العربية بنحو 192 بليون دولار هذه السنة، نتيجة ارتفاع واردات الكثير من الدول العربية في مقابل انخفاض إيراداتها الرئيسة. وساهمت أسعار الطاقة والمواد الأولية والزراعية في تفاقم العجز المالي في الدول غير المنتجة للنفط، كما ساهم الربيع العربي وأحداث المنطقة في انكماش القطاع السياحي، وهو من أهم مصادر العائدات لبعض الدول التي شملها «الربيع العربي».