عاد برنامج «كوميديا»، الذي بدأت تعرضه القناة المغربية الأولى بشكل أسبوعي كل يوم جمعة، إلى ساحة الحضور التلفزيوني القوي. وتأتي العودة بعد خمس سنوات من الحضور، استطاع هذا البرنامج خلالها أن يبرز مواهب شابة الجديدة في فن الكوميديا المعروف بصعوبته. ذلك أن هذا الفن، فن إضحاك الناس مع الرقي بالذوق، قد لا يتحقق للكثيرين، بمن فيهم بعض الفكاهيين المعروفين. وهكذا، وجدنا أن هذا البرنامج قد ساهم في دوراته السابقة في تسليط الضوء على البعض من هؤلاء الكوميديين الشباب وقدمهم إلى الجمهور المغربي بحيث أصبحت أسماؤهم متداولة في الساحة الفنية، على الرغم من ان قلة منهم فقط استطاعت تطوير فنها ومتابعة الحضور الكوميدي الفاعل وإغناء الساحة الكوميدية المغربية بألأعمال. حاول البرنامج في هذه السنة أن يغير من بنيته، حتى وإن احتفظ بالضرورة على الأساسي منها، المتمثل في تقديم لقطات فكاهية من لدن الكوميديين الشباب الذين استطاعوا النجاح في الكاستنغ وباتوا قادرين بالتالي على ان يستفيدوا من البعد الفني الذي يمنحه البرنامج والجوائز التي يقدمها والعقود التي يبرمها معهم في حالة الفوز. والملاحظ في هذه الدورة من هذا البرنامج قدوم نجم كوميدي مغربي معروف هو عبد الخالق فهيد ليعزز لجنة التحكيم، المكونة من لطيفة أحرار وياسين زيزي، في حين غاب الممثل الكوميدي امحمد الخياري عن المشاركة في هذه اللجنة هذه الدورة. أساليب خاصة تم تقديم «البرايم» الأول من هذه الدورة قبل اسبوعين، وقد خصص بالأساس لتقديم الفكاهيين الشباب لأنفسهم بطريقة كوميدية خاصة بهم، كما تم تقديم التفاتة جميلة تتعلق بالممثل الكوميدي الشاب هشام التيكوتة أحد نجوم الدورات السابقة (والذي برز اسمه في دورة سنة 2009، وأجريت له أخيراً عملية جراحية كللت بالنجاح). فتمت استعادة بعض إبداعاته الكوميدية التي سبق له تقديمها في السابق وابتدأ البرنامج بها، كما طمأن مقدم البرنامج الاعلامي رشيد الإدريسي الجمهور على الحالة الصحية لهذا الفنان الكوميدي الشاب وقرب عودته لجمهوره. ولقد بدا من خلال هذا «البرايم» أن المواهب الكوميدية الشابة التي قسمت إلى أربع مجموعات، ان طريقة تقديم نفسها بطريقة كوميدية أتت مستقاة إما من معنى الاسم الذي تحمله أو من خلال صنع موقف كوميدي مرتبط بمرورها في كاستينغ البرنامج ونجاحها فيه، أو من خلال رغبتها في تعرف الجمهور عليها والإعجاب بها. وبدا ايضا بالتالي أن المنافسة ستكون قوية بين هؤلاء الكوميديين، وأن هذه الطاقات الكوميدية المختارة من خلال الكاستينغ عليها أن تشتغل كثيراً وأن تصقل المواهب الكوميدية التي تتوافر عليها إن هي أرادت أن تنجح ليس فقط في «برايمات» هذا البرنامج القادمة والمرور بأمان إلى نهايته، وإنما أيضاً في تحقيق تواجدها الفني في الساحة الفنية المغربية وفرض ذاتها على الوسط الفني هنا، خصوصا في الجانب المتعلق بفن الكوميديا. وهذا أمر ليس بالسهل، خصوصاً في هذا الفن الصعب الذي يتطلب حضوراً ذهنياً قوياً واختياراً مميزاً للمواقف الكوميدية التي تثير الضحك مع الحرص على الرقي بالذوق الفني وعدم استسهال إمتاع الجمهور ومؤانسته بطريقة فنية . في النهاية هناك ملاحظة تفرض نفسها على الدورة الجديدة من هذا البرنامج الفني المتعلق بالمسابقات، وتتمثل بالخصوص في غياب العنصر النسوي الكوميدي الشاب منها، بحيث لم تستطع أي من المشاركات الكوميديات في الكاستيغ الذي أجراه البرنامج لاختيار المواهب الجديرة بالمرور فيه من التأهل، على عكس ما حصل في بعض الدورات السابقة من البرنامج، والتي حضر فيها العنصر النسوي الكوميدي الشاب، وتألق بشكل لافت أيضاً. وإن وجود مثل هذه البرامج الفنية، سواء المتعلقة منها بالكوميديا أو بالغناء، مسألة ضرورية لاكتشاف المواهب الفنية الشابة وتقديمها الى الوسط الفني المغربي والدفع بها إلى صقل مواهبها وتطويرها بغية تطوير الفن في كليته وإغنائه بمواهب جديدة تدفع به قدماً نحو مجالات تتميز بالإبداع والتنوع والغنى.