أحيا اللبنانيون أمس الذكرى ال37 لاندلاع الحرب الأهلية، وبرز في المناسبة نشاط الجمعيات الأهلية الداعية الى الاتعاظ من الحرب وإلى إنهاء ذيولها، لا سيما منها مأساة المخطوفين والمفقودين الذين ما زال مصيرهم مجهولاً. وفيما دعا كبار المسؤولين والقادة السياسيين بدورهم الى الاتعاظ من دروس الحرب وركزوا على الوحدة الوطنية وكذلك فعل القادة الروحيون، تميزت ذكرى هذا العام أيضاً بتصاعد الخلافات السياسية إن بين المعارضة والأكثرية ولا سيما حول موضوع حجب داتا الاتصالات الخليوية عن الأجهزة الأمنية التي تطالب بها لكشف جرائم، أو داخل الحكومة نفسها، بعدما كشف وزير المال محمد الصفدي عن خلاف كبير سياسي وشخصي بينه وبين رئيس الحكومة نجيب ميقاتي. وخيّمت على الذكرى السجالات حول مواضيع الخلاف المزمنة المتعلقة بالكهرباء، وتشريع رفع سقف الإنفاق الحكومي، والمواقف من تطورات الأزمة السورية، بالتزامن مع احتفال الطوائف المسيحية التي تتبع التقويم الشرقي بعيد الفصح، فيما عاد ميقاتي مساء من عطلة استمرت أكثر من أسبوع في لندن، على أن يلتقي صباح اليوم رئيس الجمهورية ميشال سليمان للبحث في المواضيع الخلافية وسبل التعاطي معها قبل سفر الأخير ظهراً الى استراليا لمدة أسبوع، خصوصاً أن هذه المواضيع ستطرح في جلسة المناقشة النيابية للحكومة والتي تمتد 3 أيام بدءاً من الثلثاء المقبل، ولا بد من أن يتطرق اليها مجلس الوزراء في جلسة يعقدها الجمعة المقبل برئاسة ميقاتي. وكان الوزير الصفدي فجر قنبلة في وجه ميقاتي ليل أول من أمس حين كشف أن الأخير اتهمه بأنه سعى الى عمولة على استئجار البواخر لاستجرار الكهرباء وطالبه بكشف ما لديه ضده أمام مجلس الوزراء والنواب، وقال إنه ليس من فريقه وإن التعاون بينهما يحصل لدقيقتين من أصل 24 ساعة، كما هاجم الصفدي تصريحات وزير الاقتصاد نقولا نحاس، وصديق ميقاتي. ويغادر سليمان لبنان من دون أن يلبي طلب «تكتل التغيير والإصلاح» النيابي الذي يتزعمه العماد ميشال عون أن يوقع على إصدار قانون تشريع رفع سقف الإنفاق بالنسبة الى العام 2011 بقيمة 8900 بليون ليرة لبنانية مستخدماً صلاحية ينص عليها الدستور وتعطيه حق توقيعه إذا كان أحيل معجلاً على البرلمان ولم يبث به الأخير بعد مضي 30 يوماً على تلاوته أمام الهيئة العامة للمجلس النيابي. ويتجنب سليمان الاستجابة لطلب تكتل عون مفضلاً عدم الانضمام الى الخلافات القائمة حول ربط تشريع إنفاق هذا المبلغ بتشريع مبالغ سابقة أنفقتها حكومتا الرئيسين السابقين للحكومة فؤاد السنيورة وسعد الحريري بين عامي 2006 و2010. وشدد سليمان في تصريح لمناسبة ذكرى 13 نيسان (ابريل) على ضرورة أن «يعي اللبنانيون أن يبقى الاختلاف حيال أي موضوع ضمن الأطر الديموقراطية والدستورية»، محذراً من «تجاوز الخلافات سقف المصلحة الوطنية الى لعبة المحاور». ودعا ميقاتي الى حماية لبنان من التجاذبات الإقليمية والابتعاد عن الرهانات الخاطئة. واعتبر الحريري أن هذا اليوم «لا يصح أن يبقى عبئاً على مستقبل لبنان»، معتبراً أن «العبء يتمثل بالمناخات السلبية التي تتخذ من الاستقواء بالسلاح سبيلاً لترهيب الشركاء في الوطن وتكبيل الدولة ومؤسساتها».