تعرض فريق من تلفزيون «الجديد» اللبناني الى اطلاق نار كثيف من الجانب السوري عند «خط البترول» في وادي خالد على الحدود اللبنانية الشمالية مع سورية، فيما كان يقوم بتغطية ميدانية للأحداث الجارية على الجانب السوري، ما ادى الى استشهاد المصور الزميل علي شعبان فيما نجا الصحافي الزميل حسين خريس والسائق الذي كان يرافقهما عبد خياط بأعجوبة من الرصاص الذي انهمر على السيارة التي كانت موجودة على الاراضي اللبنانية. والحادث هو الثاني من نوعه الذي يطاول لبنانيين خلال ثلاثة ايام على خلفية الاحداث السورية، بعد حادث القذيفة التي سقطت على مركز الامن العام السوري في منطقة الجوسية مقابل القاع ما ادى الى اصابة حجاج لبنانيين كانوا في طريقهم الى العراق. وكان الطاقم الاعلامي، يرافقه دليل من وادي خالد، وصل الى المنطقة المعروفة ب «خط البترول»، المحاذية للنهر الكبير الذي يفصل الاراضي اللبنانية عن السورية والمزروعة من الجانب السوري بالالغام، وبلغ الفريق الاعلامي نقطة في تقدمه لا تبعد بحسب احد ابناء بلدة المقيبلة اكثر من خمسة أمتار عن حاجز سوري على الجانب السوري، وكان يشعر بالاطمئنان الى تحركه كونه لا يزال ضمن الاراضي اللبنانية وفي منطقة تتوزع فيها بيوت مأهولة بالسكان. وقال شاهد من المنطقة ان الطاقم الاعلامي تبادل الحديث مع جنود سوريين عند الحاجز معرفاً عن الجهة الاعلامية التي يعمل لها، اي تلفزيون «الجديد» وبعد ربع ساعة من العمل ميدانياً، قال خريس انهم تلقوا انذارات من عناصر الجيش السوري بضرورة العودة ادراجهم فوراً، لكن وفيما بدأت السيارة بالرجوع انهمر الرصاص عليها وكان خياط وشعبان في داخلها فيما كان خريس يقف الى جانب السيارة يدون ملاحظاته على دفتر. وأفاد الشاهد العيان ان اهالي المنطقة لم يتمكنوا من التقدم بسرعة لاجلاء الضحية شعبان، حتى وصول الجيش اللبناني الذي وفر غطاء امنياً امكن في ظله من سحب الجثة والسيارة. رواية خريس وروى الزميل خريس كيفية حصول الحادث قائلاً إنه والشهيد شعبان وعبد خياط، وصلوا إلى الحدود، وألقوا التحية من الأراضي اللبنانية على الهجانة السوريين الذين كانوا في الجانب السوري من المنطقة «حيث كنا نصور الوضع على الحدود، وفوراً سمعنا إطلاق النار بكثافة وتراجعنا في سرعة وكان إطلاق النار كالمطر وأنا كنت أحمل دفتراً أدون فيه ملاحظات خارج السيارة وكان المصور الزميل علي في السيارة ولم يتمكن هو وعبد خياط من التراجع في السيارة فيما انبطحت أنا أرضاً وأخذت أزحف ووصلت إلى أحد الجلول، فيما أخرج عبد خياط علي شعبان من السيارة وكان أصيب وأخذ يساعده على الزحف، وشاهدت علي شعبان وقد أصيب بطلق ناري. وزحفنا 3 ساعات. لكن الرصاص كان ينهمر علينا بكثافة». وأضاف: «كان معنا أحد الأدلاء في المنطقة واتصل بأحد أقاربه لإبلاغه بما حصل وجاءت قوة من الجيش بعد ساعة ونصف الساعة، ومن سحبنا من المكان الذي كنا فيه هو أهالي وادي خالد الذين خاطروا بحياتهم ليتمكنوا من إخراجنا». وبكى خريس خلال روايته ما حصل من أمام مستشفى القبيات في عكار، وطلب من أهل الزميل الشهيد علي شعبان «أن يسامحوني لأنني لم أستطع أن أفعل شيئاً». وأوضح خريس أن إطلاق النار استمر على السيارة بعد إصابة شعبان الذي لم يستطع الزحف كما فعل هو وخياط اللذين نجوا بأعجوبة. وأشار خريس إلى أنه لم يحذر هو ورفاقه من خطورة المنطقة الحدودية التي وصلا إليها. وإذ قال إن النيران أتت من الجانب السوري وإن السيارة بقيت في الجانب اللبناني من الحدود وأوضح «أننا لم نر الجهة التي أطلقت النار ولم نعرف من يسيطر عليها»، ذكرت محطة «الجديد» أكثر من مرة أن إطلاق النار حصل من الجيش السوري بعد إلقاء فريقها التحية على الهجانة السوريين وأن الشهيد شعبان أصيب إصابة أولى داخل السيارة إلا أنه أصيب بأكثر من إصابة بعد أن أخرجه خياط من السيارة نظراً إلى أن الرصاص استمر في الانهمار عليهم. وقال خريس في روايته إنه بقرب المكان الذي تعرضوا لإطلاق النار فيه هناك منازل عدة، لكن أهلها يلزمونها حتى يأمنوا، لكن المنطقة مساحتها واسعة وهناك تداخل بين الأراضي. وهي ليست نائية، وطالب، «نيابة عن كل الصحافيين»، بأن تعلن هذه المنطقة عسكرية. وأعطى خريس المايكروفون لزميله عبد خياط لكي يطمئن الجميع من الشاشة على وضعه فظهر على الكاميرا واكتفى بالقول وهو يبكي على زميله: أنا مليح مليح... وأكد خريس لاحقاً «ان الرصاص كان يأتي من الجيش السوري»، ورأى مراسل آخر ل «الجديد» فراس حاطوم التحق بزملائه في مستشفى «السلام» في القبيات «ان لا مبرر اطلاقاً لاطلاق النار على الطاقم الاعلامي، حتى الجيوش غير الصديقة تعتمد خطوات مختلفة في التحذير». وشعبان (مواليد 1980 - جباع) وهو الشاب الوحيد بين ثلاث شقيقات وكان مقبلاً على الزواج، وسبق ان غطى احداثاً امنية عديدة في لبنان منها حرب تموز وحوادث مخيم نهر البارد واحداث 7 أيار والاغتيالات. استنكار ولقي الحادث مواقف ادانة عديدة فعبر رئيس الحكومة نجيب ميقاتي عن «ألمه لاستشهاد مصور «تلفزيون الجديد» علي شعبان وإصابة الصحافي حسين خريس والمصور عبد خياط في خلال قيامهم بواجبهم المهني في منطقة وادي خالد الحدودية». وقال: «نشجب إطلاق النار من الجانب السوري على الفريق الاعلامي اللبناني، خصوصاً أن هذا الفريق كان يقوم بمهمته داخل المنطقة الحدودية اللبنانية، وطلبنا من قيادة الجيش اللبناني فتح تحقيق عاجل في الموضوع لكشف كل ملابساته. وندين كل تعرض للمواطنين اللبنانيين لا سيما منهم الاعلاميين، وسنبلغ الجانب السوري إدانتنا لهذا العمل المرفوض ومطالبتنا بالتحقيق في الاعتداء ومحاسبة الفاعلين». وأضاف: «إن محطة «الجديد» المعروفة بوطنيتها ومهنيتها سطرّت اليوم بالدم صفحة جديدة من النضال المهني والوطني، لكنها ستبقى، كما عهدناها صامدة في قيمها ورسالتها الاعلامية». الحريري: اعتداء على السيادة واستنكر الرئيس السابق للحكومة سعد الحريري «الاعتداء الآثم الذي ارتكبته القوات السورية بحق فريق «الجديد» أثناء قيامه بواجبه المهني في تغطية الأحداث على الجانب اللبناني من الحدود الشمالية مع سورية». واعتبر الحادث «بمثابة اعتداء على السيادة اللبنانية»، محملاً مسؤولية حدوثه «للحكومة اللبنانية التي تغاضت عن سلسلة الاعتداءات والاختراقات المتواصلة التي تقوم بها القوات السورية للأراضي اللبنانية منذ أشهر، ولم تتخذ حتى الآن التدابير والإجراءات اللازمة لوضع حد نهائي لها ومنع تكرارها». واستنكر رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع «اغتيال المصور الشهيد علي شعبان وإصابة المراسل حسين خريس والمصور عبد خياط خلال تصويرهم الحدود اللبنانية - السورية في منطقة وادي خالد الحدودية بإطلاق نار من قبل جيش النظام السوري». وشدد في تصريح «على ضرورة فتح تحقيق في هذه القضية وكشف ملابساتها وضبط الحدود اللبنانية - السورية والأهم من ذلك حماية الحريات والصحافيين في حلّهم وترحالهم». وعبرت نقابة المصورين الصحافيين، في بيان عن بالغ الأسى ل «استشهاد الزميل المصور شعبان الذي قضى بإطلاق الرصاص عليه أثناء قيامه برفقة زميليه بواجبه المهني».br / ووصفت ما حصل ب «الاعتداء»، وأهابت «بمختلف الجهات والاطراف عدم التعرض لأي زميل اعلامي أو أي مؤسسة اعلامية الى أي جهة انتمت»، مشددة على «أن الاعلاميين والمصورين رسل ينقلون هموم الناس وشؤونهم ولا يمكن التعامل معهم على أنهم طرف في أي صراع داخلي أو خارجي». وأعرب مركز الدفاع عن الحريات الإعلامية والثقافية (سكايز) في بيان، عن تضامنه مع أسرة المصور الشهيد شعبان وزملائه في تلفزيون «الجديد» والجسم الصحافي اللبناني بعامة». وطالب «أجهزة الدولة اللبنانية بتأمين الحماية الحقيقية للصحافيين الذين يعرضون حياتهم لنقل الخبر وكشف الحقائق للرأي العام»، مشدداً على ضرورة الشروع بتحقيق دقيق وشفاف في ظروف مقتل المصور شعبان، واتخاذ كل الاجراءات القانونية اللازمة، أياً تكن الجهة التي أطلقت النار، وأينما تواجدت على طرفي الحدود اللبنانية - السورية».