فاز ميت رومني قبل يومين في الانتخابات التمهيدية بين الجمهوريين في ولايتين والعاصمة واشنطن لاختيار مرشحهم لانتخابات الرئاسة، ويبدو انه سيفوز بترشيح الحزب له في مؤتمر 27/8/2012 في فلوريدا. مع ذلك، أجد أن باراك اوباما يظل متقدماً على رومني وجميع المتنافسين الآخرين، ومؤسسة غالوب أجرت استطلاعاً عشية الانتخابات التمهيدية الأخيرة أظهر تقدم أوباما على رومني بنسبة 51 في المئة الى 42 في المئة. لفت نظري في الاستطلاع الاخير أنه يُظهر أن أوباما متقدم بين النساء على رومني بنسبة 54 في المئة الى 36 في المئة. والواقع ان هناك كل يوم استفتاء، وقد عدت الى ما جمعت الشهر الماضي، وامامي استطلاع أجرته «واشنطن بوست» وتلفزيون ABC، فهو أظهر غالبية تنتقد أداء اوباما الاقتصادي على خلفية أسعار البنزين التي اقتربت من أربعة دولارات للغالون وتجاوزتها. وهكذا، فالاستطلاع قال ان 66 في المئة من الاميركيين ضد موقفه من أسعار البنزين مقابل 26 في المئة يؤيدونه. والنتيجة أن شعبية اوباما بين الناخبين هي من مستوى شعبية ميت رومني وريك سانتوروم من المتنافسين الجمهوريين على الرئاسة. غير أن استطلاعاً سابقاً لمركز بيو للأبحاث، أظهر أن اوباما متقدم على رومني ب54 في المئة مقابل 42 في المئة، وعلى سانتوروم 57 في المئة مقابل 39 في المئة. وفي أهم مؤشر على أداء الرئيس، أظهر الاستطلاع أن 50 في المئة مرتاحون لعمل الرئيس مقابل 41 في المئة يعارضونه، وبالتالي فنسبة 59 في المئة من الناخبين الاميركيين تتوقع فوزه في الانتخابات في تشرين الثاني (نوفمبر) المقبل. أما مؤسسة غالوب، فأظهر استطلاع سابق لها في الوقت نفسه تقريباً أن 49 في المئة من الناخبين يؤيدون عمل الرئيس و43 في المئة يعارضونه. كنت في آخر مقال لي عن حملة الانتخابات الأميركية غامرت بترجيح فوز باراك أوباما بولاية ثانية، وقدمت سببين لا يزالان موجودين بقوة: الأول تحسن الاقتصاد الاميركي، كما نرى في زيادة الوظائف الجديدة شهراً بعد شهر إثر نزيفها في آخر سنة لجورج بوش في البيت الأبيض، أو 2009، والثاني هو ضعف مستوى منافسه الجمهوري المحتمل على الرئاسة، فهذا إما أن يكون ميت رومني، وهو من طائفة المورمون، أو ريك سانتوروم، وهو كاثوليكي، أي أن الاثنين من أقليتين دينيتين في بلد غالبية سكانه من البروتستانت. أهم من ذلك أن الانتخابات التمهيدية أكدت افتقار رومني الى أي كاريزما شخصية أو رؤية مستقبلية مع ارتفاع قدرته على قول الشيء الخطأ في الوقت الخطأ والمكان الخطأ. والعاطلون عن العمل لن ينسوا قوله أنه يسعد بطرد موظفين من العمل، وسجلّه يثبت أنه فعل. كذلك أظهرت الانتخابات التمهيدية أن الناخبين في الولايات الجنوبية لا يثقون به، فقد خسر بشكل مفاجئ في ألاباما وميسيسيبي. في المقابل، سانتوروم يدّعي أنه ثابت على مبادئه ومواقفه، ويردّ خصومه بأنه عنيد، وهو يثير قلق الناخبات بأفكاره التقليدية عن دور المرأة في المجتمع ومعارضته تحديد النسل، وهذا مع أن عنده تجربة مرة في الموضوع، ففي سنة 2006 في بنسلفانيا خسر الانتخابات عن مجلس الشيوخ خسارة قياسية، بعد أن أصرّ عشية التصويت على إصدار كتاب بعنوان «الحاجة الى الأسرة» هاجم فيه الليبراليين واتهم دعاة حقوق المرأة بالراديكالية، ما أثار غضب جزء كبير من الناخبين عليه. واليوم، هناك من يذكر أن سانتوروم أيّد سياسات جورج بوش بحماسة، حتى أن خصومه يزعمون أنه أيّد 98 في المئة من قرارات بوش. والانتخابات التمهيدية في بنسلفانيا موعدها 24 من هذا الشهر، فاذا خسر سانتوروم ولايته خرج من حلبة التنافس. إضافة الى كل ما سبق، يبقى عنصر واحد سيؤثر كثيراً في نتائج التصويت على الرئاسة من دون أن يغيرها بما يكفي لفوز جمهوري هو المال. ثمة شيء اسمه «سوبر باكس»، والكلمة الأخيرة تمثِّل الحروف الأولى من لجان العمل السياسي، وهذه تملك عشرات ملايين الدولارات، وأحياناً مئات الملايين لتمويل حملات المرشحين، وبين أغناها لجان يموِّلها يهود اميركيون، مثل الأخوين كوش، وقرأت أنها رصدت 200 مليون دولار، ثم شيلدون أدلسون بليونير كازينوات القمار في تكساس، الذي وعد بتحويل ملايينه من نيوت غينغريتش الى مرشح الحزب الجمهوري المختار، وهناك لجنة اميركان كروسرودز ولها وحدها 240 مليون دولار. أرجو من القارئ العربي أن يلاحظ مصدر هذه الأموال التي لا يملك اوباما مثلها، من دون أن يكون معدماً في مقابلها. [email protected]