علقت الولاياتالمتحدة مساعدتها الغذائية إلى كوريا الشمالية جراء تمسك بيونغيانغ تمسكاً حازماً بخطتها لإطلاق قمر اصطناعي. وتعبر الصين عن قلقها حيال انقلاب كهذا في الموقف في شبه الجزيرة الكورية. تغيَّر الوضع بسرعة ويبدو تصاعد التوتر مرجحاً. وما من مستفيد فعلي هنا. فإذا أخذنا النمو الاقتصادي ومستوى المعيشة في شمال شرقي آسيا كمعيار قياس، سنجد أن كوريا الشمالية تعاني الخسارة الأكبر في المسألة النووية، وهي بلد مهم للصين التي تستطيع فهم الصلة المعقّدة بين المسألة النووية وإطلاق الصاروخ الحامل (للقمر الاصطناعي). وتعتقد الصين أن القيادة الكورية الشمالية تأمل بدفع البلاد إلى الازدهار. بيد أن تطوير أسلحة نووية وإطلاق أقمار اصطناعية يتجاوزان القدرات الوطنية لكوريا الشمالية التي تتحمل ضغط كوريا الجنوبية والولاياتالمتحدة واليابان لتجد بمهارة فضاءها الاستراتيجي الخاص. وأظهرت كفاءات ديبلوماسية استثنائية. لكن كوريا الشمالية تبقى مكاناً بالغ الصعوبة. ثمة عقبات كثيرة تعترض طريقها إذا أرادت عكس وضعها الساكن في شمال شرقي آسيا عبر مقاربتها الحالية. وربما تعتقد أن الصواريخ النووية الاستراتيجية ضمانة أساسية لأمن البلاد وأنها ستبدل المواقف منها بمواقف جديدة على الساحة الدولية. وهذا خطأ. الدرع النووية، حتى بالنسبة إلى روسيا والصين، ليست كلية القدرة. وتساعد الأسلحة النووية مساعدة قليلة في مواجهة تهديدات تواجهها هاتان الدولتان. وتطوير رادع استراتيجي ينبغي أن يأخذ عوامل كل حالة بمفردها في الاعتبار كالاقتصاد الوطني والتنمية الاجتماعية. ولا ينبغي أن يكون هدفاً طائشاً. ويتعين أن يكون شمال شرقي آسيا المستقر محبذاً لتنمية كوريا الشمالية وأمنها الوطني. وإذا ظهر أن تصاعد التوترات يصب في مصلحتها فلا بد أن يكون في الأمر خطأ ما. وعلى كوريا الشمالية وضع موقف كهذا وراءها. وعلى كوريا الجنوبية واليابان والولاياتالمتحدة تحمل مسؤولية موقف كوريا الشمالية الديبلوماسي الحالي. ومن الظلم لبلد صغير مثل كوريا الشمالية تحمل ضغط كهذا من القوى الكبيرة المذكورة، فيما يواجه الوضع الأمني الأسوأ في شمال شرقي آسيا. ومن المستحيل على كوريا الشمالية أن تعدل الوضع الاستراتيجي مع كوريا الجنوبية والولاياتالمتحدة واليابان وهي الدول التي تتابع سياستها حيال بيونغيانغ. وينبغي أن يتضمن أساس تعزيز الأمن في شمال شرقي آسيا، الوضع الأمني لكوريا الشمالية. ولمعرفتها بذلك، تتبنى الصين موقفاً مختلفاً حيال بيونغيانغ. وعلى كوريا الشمالية ادراك أن أي عمل تقوم به ويؤدي إلى إرباك الصين، سيجلب لها المتاعب، وكجارة، لا تقل قوة الصين وأمنها أهمية بالنسبة إلى أمن بيونغيانغ عن سلاحها النووي. الصداقة بين الصين وكوريا الشمالية تجاوزت اختبار الزمن. وعلى بيونغيانغ إبداء قدر أكبر من الاهتمام للاقتراحات التي تقدمت بها صديقتها. ولن تقدم بكين النصح إلى كوريا الشمالية على أساس مصالح الصين وحدها. على بيونغيانغ أن تبقى حذرة في شأن إطلاق القمر الاصطناعي. وعلى الولاياتالمتحدة وكوريا الجنوبية واليابان أن تفكر مرتين في الموضوع النووي الكوري الشمالي، فسياساتها في تهديد بيونغيانغ ثبت أنها غير فاعلة وفي حاجة إلى تغيير. * عن افتتاحية «غلوبال تايمز» الصينية، 30/3/2012، إعداد حسام عيتاني