سيول، واشنطن، براغ - أ ب، رويترز، أ ف ب - تجاهلت كوريا الشمالية التحذيرات والتهديدات الدولية، وأطلقت أمس صاروخاً اعلنت انه وضع في المدار «قمراً اصطناعياًً للاتصالات»، وهو ما نفته الولاياتالمتحدة وكوريا الجنوبية اللتان اعتبرتا التجربة فاشلة. واذ سعت واشنطن وباريس وسيول وطوكيو الى انتزاع «الرد الأقوى والأكثر ملاءمة» في مجلس الأمن الذي عقد امس اجتماعاً طارئاً بدعوة من اليابان، جهدت بكينوموسكو لكبح أي رد عنيف على بيونغيانغ، وطالبتا العواصم المعنية بأن «تنظر إلى الصورة الكبيرة» وتُظهر «مقاربة متوازنة وتتوخى الحذر». وبعد اربع ساعات على إطلاقه فوق الأراضي اليابانية، أفادت وكالة الأنباء الكورية الشمالية الرسمية بأن القمر الاصطناعي «يدور في شكل عادي في مداره» ويبث معلومات. لكن سيول وواشنطن أعلنتا ان عملية الإطلاق «فشلت»، وأن الصاروخ «سقط في المحيط الهادئ». (راجع ص 8) وفي براغ حيث عقدت القمة الأوروبية - الأميركية، اعتبرت الولاياتالمتحدة والاتحاد الأوروبي ان خطوة بيونغيانغ تتطلب رداً من المجتمع الدولي بما في ذلك مجلس الأمن، لإثبات انه لا يمكن تحدي قراراته والإفلات من عقوبة». ورأى الرئيس الأميركي باراك اوباما ان اطلاق الصاروخ يهدد أمن دول «قريبة وبعيدة» من كوريا الشمالية. وقال: «آن الآوان لرد دولي قوي» في مجلس الأمن و «من خلال تصميمنا على منع انتشار الأسلحة» النووية، فيما قال منسق مراقبة التسلح في الإدارة الأميركية غاري سامور ان عملية الإطلاق «تجسّد أهمية مواصلة تطوير دفاع صاروخي (الدرع)، لحماية بلدنا وحلفائنا في آسيا». اما الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي فاعتبر ان النظام في كوريا الشمالية «يضع نفسه خارج القانون الدولي». وقال ان «المجتمع الدولي سيعزل» النظامين الكوري الشمالي والإيراني، داعياً الى «فرض عقوبات مشددة، ما داما لم يفهما ان عليهما الا ينتهجا سلوكاً عدائياً في المجال النووي العسكري». في القدسالمحتلة، دعا سيلفان شالوم نائب رئيس الوزراء الإسرائيلي الى فرض «عقوبات قاسية وجوهرية» على كوريا الشمالية وايران. وعلى رغم اعلان الغرب فشل بيونغيانغ في وضع «قمرها» في المدار، اعتبر المدير السابق للوكالة الأميركية للدفاع المضاد للصواريخ الجنرال المتقاعد هنري اوبرينغ إطلاق الصاروخ نجاحاً تكنولوجياً «جزئياً». واعتبرت الولاياتالمتحدة وكوريا الجنوبية واليابان ان اطلاق «القمر» لا يعدو كونه اختباراً سرياً لتكنولوجيا صاروخ باليستي من طراز «تايبودونغ-2»، ما قد يسمح لبيونغيانغ في وقت لاحق بوضع رأس نووي على صاروخ قادر على الوصول الى الاسكا في الولاياتالمتحدة. ورأى محللون ان نظام الرئيس الكوري الشمالي كيم جونغ ايل سعى عبر اطلاق الصاروخ، الى تأكيد سيطرته على البلاد بعد الجلطة في الدماغ التي تعرض لها كيم في آب (أغسطس) الماضي، إضافة الى تعزيز موقفه حيال واشنطن، في أي مفاوضات لنزع الأسلحة النووية مستقبلاً. واعتبرت الحكومتان الكورية الجنوبية واليابانية اطلاق الصاروخ «استفزازياً جداً»، وطالبتا ب «رد بالتعاون مع المجموعة الدولية»، فيما بدأ ديبلوماسيون في الأممالمتحدة مناقشة سبل تشديد العقوبات المفروضة على بيونغيانغ، ذلك ان موافقة الصين وروسيا المحاذيتين لكوريا الشمالية على فرض عقوبات جديدة، أمر مستبعد. وأعلنت السفيرة الأميركية لدى الاممالمتحدة سوزان رايس أن الولاياتالمتحدة «تتشاور مع حلفائها في الأممالمتحدة داخل المجلس، في محاولة للحصول على رد يكون الأقوى والأكثر ملاءمة». في المقابل، أعلنت وزارة الخارجية الصينية أن وزير الخارجية يانغ جيشي دعا في اتصالات هاتفية بنظرائه في الولاياتالمتحدة وروسيا واليابان وكوريا الجنوبية، «كل الأطراف الى أن تنظر إلى الصورة الكبيرة، وتتفادى اتخاذ خطوات قد تزيد من تفاقم الوضع». وفي موسكو، أفادت وزارة الخارجية الروسية بأن وزير الخارجية سيرغي لافروف دعا في اتصال هاتفي مع وزير الشؤون الخارجية والتجارة الكوري الجنوبي يو ميونغ هوان، الى «اتباع مقاربة متوازنة وتوخي الحذر أثناء تقويم الأفعال التي قامت بها كوريا الشمالية، بما في ذلك مناقشة هذا الموضوع في مجلس الأمن». وأعلنت الخارجية الروسية ان لافروف ونظيرته الأميركية هيلاري كلينتون شددا خلال اتصال هاتفي على ضرورة «مواصلة بذل الجهود المشتركة لمنع زعزعة استقرار الوضع في شمال شرقي آسيا، وأعلنا تأييدهما مواصلة المفاوضات السداسية حول المشكلة النووية الكورية الشمالية». ودعا الناطق باسم وزارة الخارجية الروسية «كل الدول المعنية الى التزام ضبط النفس، والأخذ في الاعتبار الوقائع الموضوعية المتصلة بما يميز عملية الإطلاق الكورية الشمالية».