دمشق - أ ف ب - ست شخصيات صينية تحوّلت إلى سورية تتحدث العامية وتنتظر بلا أمل عند «موقف الباص»، وهو عنوان المسرحية التي اختتمت عروضها على مسرح دار الأوبرا السورية أمس، للكاتب الصيني كاوشين جيان. يقول مُعدّ النص محمد خير قداح: «لم يغب عن بالنا نصّ «في انتظار غودو» لصموئيل بيكيت»، متحدثاً عن المسرحية الأكثر شهرة حول رعب الانتظار. انتظار غودو الذي لا يأتي والذي لا يعرف أحد، إن كان شخصاً أو شيئاً خارقاً للطبيعة. هنا تنتظر شخصيات «موقف الباص» للكاتب الصيني الحائز نوبل للآداب 2000، بلا أمل. وفي دليل العرض توصف الشخصيات بأنها «ضعيفة الإرادة، لا تستطيع كسر الحواجز التي وضعتها بأنفسها حول ذاتها. وبذلك يبقى الجميع واقفين بانتظار الباص أكثر من 10 سنوات، ولكنه لا يأتي». وتتنوّع شخصيات المسرحية بين مغنٍ مسنّ يحمل آلة العود في طريقه إلى المدينة من أجل مسابقة في الموسيقى، وعاشقة تمضي إلى عشيق ليست متأكدة من حبه لها، وشاب عابث، ومدير مؤسسة استهلاكية إلى جانب مرافق له قدمه العرض على هيئة كلب في نباحه ودفاعه عن سيّده وفي ركضه وراء الآخرين. وهناك أيضاً شخص صامت يقول عنه مخرج العرض محمد زيادة: «إنه الوحيد الفاعل والإيجابي بين شخصيات العرض السلبية التي لا تتّقن سوى الانتظار. هذا الصامت يغادر المكان من أجل أن ينجز شيئاً». ويستدرك المخرج: «لكنني لا أعفيه من سلبية أنه أراد أن يتصرف بشكل فردي». في خلفية المسرحية، ذات الشخصيات الواقعية، استخدم المخرج شاشة سينمائية كانت تعرض قصتها الخاصة للوجود، فتبدأ من صورة لدجاجة تبيض الكرة الأرضية، ثم صور متتالية لانفجارات الكواكب، وصولاً إلى ترويض الناس في مصانع ومدارس وسواها. ثم تعرض صور الممثلين وهم يقدمون مسرحيتهم، وكذلك الجمهور في الصالة. ويقول المخرج: «أردت أن أكرر شخصيات المسرحية التي بلا أسماء. الشاشة كانت عبارة عن مرايا متقابلة». وعما يلامس الجمهور السوري في مسرحية كهذه، قال المخرج: «عرضنا يلامس كل زمان ومكان. نعالج فكرة كونية. نناقش فكرة الحواجز التي يصنعها الإنسان بنفسه، معتقداً أنها تنظم حياته، ثم يكتشف أنها تعرقله». إلا أن بعض المشاهدين رأى في العرض تناولاً لم يشر إليه المخرج، إذ يقول الكاتب تمام هنيدي: «يبدو أن ضغط المرحلة الراهنة في سورية فرض على المخرج إعلان موقفه حيال ما يجري في سورية. لكن استسهل كثيراً هذا الخيار ليقدم وجهة نظرٍ سياسية في عرضٍ مسرحي (أو سياسي). فالشكل الساذج الذي قدمت به شخوص المسرحية ترك أثراً كبيراً على العرض ليغدو متواضعاً هو الآخر». وأضاف هنيدي: «المثقف والفنان من وجهة نظر المخرج لا بد أن يكون حالماً يغني موشحات أندلسية، والمدير سخيفاً، والحوراني (نسبة إلى حوران) لا مناص من التهكم على ثورته من خلال تقديمه بالشكل الرديء الذي يبدو أن المخرج سعى إليه جاهداً. أما المرأة فهي مهزومة دائماً». غير أن المخرج نفى بشكل قاطع أن يكون للعرض علاقة بالأحداث الجارية في سورية الآن، كما نفى أن يكون الشاب العابث يتحدث بلهجة أهل حوران، معتبراً أن لهجته خليط من لهجات محلية.