لا تزال الأحداث السياسية المضطربة في دول عربية محيطة، تلقي بظلالها على الخريطة السياحية للسعوديين، فأهل جدة مثلاً، الذين جعلوا مصر وجهتهم المفضلة، اضطروا منذ نحو عام إلى البحث عن وجهات جديدة حتى تعود الأوضاع الداخلية في «وجهتهم الأولى» إلى سابق عهدها. وحازت مدينة دبي على الإقبال الأكبر بين الجهات العربية، في حين حصلت ماليزيا على المرتبة الأولى تليها إندونيسيا كبديل آخر بين الدول غير العربية، بالنسبة إلى الجداويين. وبحسب عاملين في المجال السفر والسياحة التقتهم «الحياة»، فإن ماليزيا وإندونيسيا باتتا تستحوذان على النصيب الأكبر من السياح السعوديين، خصوصاً من سكان جدة، إذ بلغت نسب الإقبال على السفر إليهما تصل إلى 80 في المئة. وفي حين بدا الإقبال على أوروبا ضعيفاً، ربما بسبب برودة الأجواء وبعد المسافة في ظل قصر مدة الإجازة، كانت المفاجأة خروج تركيا ولبنان من المنافسة بالنسبة إلى المسافرين من جدة، ويعزى ذلك إلى غلاء الأسعار فيهما قياساً بإندونيسيا وماليزيا. وقال مجدي نجدي موظف الحجوزات في أحد مكاتب السفر والسياحة بجدة ل«الحياة»: «استحوذت ماليزيا وإندونيسيا على نصيب الأسد من حيث الإقبال عليها، إذ بلغ معدلات الحجوزات عليها من مكتبنا 80 في المئة خلال هذه الفترة، وأغلقت جميع الحجوزات عليهما». وأضاف: «كما تعد مدينة دبي البديل العربي لسائح السعودية، وهناك إقبال كبير عليها أثناء إجازات الربيع، ويلعب في ذلك عامل الطقس المعتدل في هذه الفترة من العام». وأشار إلى خفوت بريق بعض الدول التي كانت تعد وجهات سياحية أولى في أوقات سابقة، «لم يعد في خريطة سفر السعوديين في الإجازات القصيرة مكاناً لتركيا ودول أوروبا». وزادت: «هناك إقبال بسيط على تركيا ودول أوروبا لقضاء السعوديين إجازة الربيع بها، لا سيما أن ارتفاع الأسعار أسهم في عدم الإقبال عليها قياساً بدول شرق آسيا، مثل ماليزيا وإندونيسيا». ونوَّه إلى أن الأحداث السياسية في الدول العربية، أسهمت في تغير وجهات سفر سكان جدة الذين كانوا يفضلون قضاء إجازاتهم في مصر وسورية ولبنان، وقال: «الإقبال ضعيف على الدول العربية المجاورة، ولعل الأحداث السياسية ومخاوف عدم الاستقرار والمشكلات الأمنية أسهمت في انخفاض معدلات الإقبال عليها، خصوصاً أنها كانت تحتل المركز الأول في السابق كأول وجهة سفر لسكان جدة». في المقابل، أشار عضو لجنة الاستثمار السياحي في غرفة الرياض مهيديب المهيذيب، إلى أن التوجه العام للسعوديين لقضاء إجازتهم في الخارج لدبي كبديل عربي، إضافة إلى دول شرق آسيا. ونوّه إلى وجود إقبال على بعض دول الخليج مثل البحرين وقطر، ولكن ليس بمعدلات كبيرة، عازياً ذلك إلى انخفاض الإقبال على الدول العربية، لعدم استقرار الأوضاع الأمنية السياسية في غالبية الدول، ما أسهم في اختيار السعوديين لدول أخرى مستقرة داخلياً. واعتاد السعوديون عموماً منذ أعوام على زيارة دبي في شكل لافت في فترة الربيع لاعتدال الطقس، ووجود مهرجانات وعروض تسوق مغرية. وأثرت الأوضاع السورية الداخلية على السياحة اللبنانية في ظل التوتر السياسي والأمني الحالي، فضلاً عن انعدام السياحة في سورية التي اعتادت أعداد كبيرة من السعوديين على قضاء إجازاتهم في مدنها ومناطقها السياحية.