يهدف مسفر عائض الرشيد من الموسوعة، التي أعدها حول الراحل الأمير سلطان بن عبدالعزيز وعنوانها «سلطان الخير»، وصدرت أخيراً، إلى أن يعرفه من لا يعرفه، مع يقينه التام بأن كل الشعوب العربية والإسلامية عرفت ولامست نبل هذا الرجل، «الذي قال الكثير وعمل الكثير وكانت له أياديه البيضاء على العديد من الدول والأسر». وبما أن هذه الموسوعة هي الأولى من نوعها، ويعتبر هذا الجزء هو الأول، فان أهميتها تكمن في ما تستعرضه من ثروة أدبية موزعة بين الصحافة والكتب والإذاعة والمكتبات الخاصة، «كما أن هناك حاجة لمثل هذه الأعمال لتكون سجلاً وطنياً لرجل خدم شعبه وأمته». وقال المؤلف إن صدور الأجزاء الثلاثة المتبقية سيأتي تباعاً في مرحلة مقبلة. وتناول الكاتب في البداية نسب الأسرة المالكة وتاريخها، بداية من الملك المؤسس ومروراً بملوك البلاد من بعده، وصولاً إلى سلطان الخير، رحمه الله، الذي تناول الكاتب سيرته مع والده وتربيته الأولى ودراسته الابتدائية، وتخرجه فيها وحفظه للقرآن الكريم، وتعلقه بالصيد والقنص منذ صغره. وتعرض المؤلف لوالدة الأمير سلطان بن عبدالعزيز الأميرة حصة السديري، وهي والدة أخوته عبدالرحمن وتركي ونايف وسلمان وأحمد. وتطرق الرشيد في موسوعته إلى سلطان، الطالب والخطيب في المناسبات والمتكلم في مدرسة الأمراء، إذ كان من صغره يلقي الخطب أمام الوجهاء والأمراء وفي الاحتفالات الخاصة بقدوم الأمراء أو حفظهم لكتاب الله». وفي فصل بعنوان «سلطان الأب وسلطان الجد»، تناول الكاتب أبناء الأمير سلطان وبناته وأحفاده، وزين العديد من صفحات الكتاب بصور له رحمه الله في مناسبات عدة، كما عرض لكثير من صور أبنائه وأحفاده. وانتقل الكاتب للحديث عن الأمير سلطان أثناء إمارته على مدينة الرياض منذ ربيع الثاني 1366 -1372ه، وأوجز العديد من المشاريع التي قام بها أثناء هذه الفترة، وأهمها مشكلة المياه وفتح الشوارع، والسكة الحديد والاهتمام بالكهرباء وإدارة المطافي حينذاك. وخصص فصلاً من الموسوعة للحديث عن «سلطان» أول وزير للزراعة في المملكة، وكان ذلك في كانون الثاني (يناير) 1951 «وكان له أثر كبير في الاهتمام بالزراعة وتطوير العمل فيها من خلال بناء السدود وحفر الآبار وتدريب الشباب وتنمية الرقعة الزراعية. ومن الزراعة إلى «المواصلات»، إذ صدر قرار ملكي بأن يتولى الأمير سلطان وزارة المواصلات، وذلك في 20/3/ 1375، معدداً أهم انجازاته ومشاريعه «في فتح الطرق الطويلة بين الرياض والمنطقة الشرقية، والخرج وتعبيد الطرق حول المشاعر المقدسة وتوسعات كبيرة في مطار جدة والاهتمام بتأسيس الهاتف والبرقيات وتمديد الكابلات الكهربائية في الظهرانومكة والطائف وجدة والمدينة المنورة ورابغ، إضافة إلى مراكز البريد وبرامج ابتعاث المهندسين في دول العالم والمشاركة في المؤتمرات الدولية، وبناء محطات ساحلية لبواخر وشق طريق مكة - الهدا، والاهتمام ببناء السدود المائية في الأودية حماية للمياه وللزراعة». وفي عام 1382ه تم تعيينه وزيراً للدفاع والطيران ومفتشاً عاماً لتتوالى الانجازات الكبيرة في هذا القطاع المهم، «الذي من خلاله تسلم الأمير سلطان ملف اليمن الحدودي، وتم تشكيل مجلس التنسيق السعودي - اليمني ليتولى تحديد وتنفيذ المشاريع الإغاثية المختلفة التي تتولى المملكة تمويلها لمساعدة اليمن، حتى تم عقد أهم اتفاق حدودي في الشرق الأوسط بين السعودية واليمن، وتم خلال وزارته إنشاء المدن العسكرية والقواعد الجوية والبحرية التابعة للقوات المسلحة والمرافق التابعة لها، كما تم إنشاء العديد من المشافي العسكرية المتطورة والاخلاء الطبي بكفاءات سعودية، وحولت القاعدة الصناعية للمصانع الحربية إلى مؤسسة عامة ضخمة للصناعات الحربية، واعتماد برنامج التوازن الاقتصادي مع الدول المصدرة للسلاح، وإعادة تنظيم وزارة الدفاع والطيران ورئاسة هيئة الأركان العامة وقيادات جديدة للقوات الجوية، إضافة إلى الإشراف العام على تطوير الطيران المدني وتنفيذ مشاريع متعددة للمطارات الداخلية، وأولى القوات البرية اهتمامه، إضافة لسلاح المشاة وسلاح المدرعات والمدفعية، والمظلات والإشارة والمهندسين وسلاح الصيانة والنقل، وطيران القوات البرية، وتم إنشاء كلية الملك عبدالعزيز الحربية، والمعهد الملكي للقوات البرية، وكان مركز الأمير سلطان لعلاج امراض وجراحة القلب من أكبر الانجازات الطبية في القطاع العسكري الذي أشاد به الكثيرون حول العالم». وتناول الرشيد دور سلطان الخير في بناء علاقات مع العالم الخارجي في الشرق والغرب، ونشر في الموسوعة صوراً متعددة للأمير الراحل مع الكثير من القادة العسكريين ورؤساء الدول التي تحكي تاريخ علاقات تطورت لخدمة الوطن والعالم والسلام. وتطرق الكاتب لجامعة الأمير سلطان الأهلية وهي احد إهداءات سلطان الخير لأبنائه، ولمركز الأمير سلطان الثقافي في جامعة الملك سعود، ومركز الأمير سلطان للعلوم والتقنية، والموسوعة العربية العالمية والعديد من المؤسسات الثقافية والخاصة بالدراسات الإسلامية والبرامج التي تعنى بالمساجد ومراكز دراسات للصحراء والبحوث البيئية، وحصوله رحمه الله على جائزة السلام والبيئة من مركز التعاون الأوروبي العربي». وأشار المؤلف إلى العديد من المشاريع التي رعاها الراحل خارج الحدود، ومنها مركز الملك عبدالعزيز في جامعة بولونيا ومركز الأمير سلطان لجراحة المناظير في كوسوفا ومراكز إسلامية في اليابان ومشاريع وتبرعات لمستشفى الأزهر، إضافة للمشاريع الخاصة بالمعوقين وذوي الاحتياجات الخاصة في المناطق الطرفية من المملكة. وتوقفت الموسوعة عند لجنة الأمير سلطان الخاصة بالإغاثة لتقديم العلاج والغذاء للمحتاجين في كل مكان. ورصدت العديد من الصفحات للتبرعات المادية والعينية التي قدمها الأمير سلطان خلال مسيرة حياته، كما خصصت بعض الصفحات للجوائز التقديرية التي حاز عليها الأمير سلطان والجائزة التي قدمت لمؤسسة الأمير سلطان الخيرية كأفضل منظمة إنسانية. واختتمت الموسوعة بنشر العديد من القصائد التي قيلت في الراحل، إضافة إلى العديد من الشهادات الخطية المكتوبة من رؤساء وأمراء وقادة في الدول العربية.