القدس المحتلة، واشنطن - أ ف ب، رويترز - عاشت الطبقة السياسية الفرنسية لليوم الثاني على التوالي أمس، على وقع تداعيات حادث قتل مسلح مجهول بالرصاص أربعة أشخاص بينهم ثلاثة أولاد من أبناء الجالية اليهودية في تولوز (جنوب غرب). واستهل الرئيس نيكولا ساركوزي يومه بالتوجه إلى إحدى مدارس باريس حيث شارك تلاميذها في الوقوف دقيقة صمت حداداً على أرواح ضحايا الاعتداء، وخاطبهم قائلاً: «ما حصل في تولوز واستهدف مدرسة يهودية يمكن أن يتكرر هنا أيضاً»، معتبراً المسألة «بالغة الخطورة، وتعني الجمهورية كلها». ولاحقاً، انتقل ساركوزي الذي قرر تعليق حملته الانتخابية حتى مساء اليوم، برفقة رئيس الحكومة فرانسوا فييون إلى مطار شارل ديغول للمشاركة في مراسم وداع جثث القتلى الأربعة التي نقلت إلى إسرائيل. ورافق ذوي القتلى إلى إسرائيل حيث سيدفن الضحايا الذين يحملون الجنسيتين الفرنسية والإسرائيلية، وزير الخارجية الفرنسي آلان جوبيه. وعلى غرار ساركوزي شارك مرشحون آخرون للرئاسة في دقيقة الصمت التي التزمها طلاب كل مدارس فرنسا، وقصد مرشح الحزب الاشتراكي فرنسوا هولاند إحدى مدارس سين سان دونيه بضاحية باريس، مؤكداً ضرورة التمسك بالوحدة الوطنية في مواجهة أي عمل عنصري ومعادٍ للسامية. وجاء كلام هولاند بعد إثبات أن مطلق النار في تولوز ارتكب نفسه جريمة قتل ثلاثة جنود مسلمين من كتيبة المظليين في مونتوبان وتولوز نفسها الأسبوع الماضي. وهو سيشارك مع ساركوزي اليوم في تشييع الجنود الثلاثة خلال احتفال رسمي في مونتوبان، في وقت دعا إمام مسجد باريس، دليل بوبكر، وإمام مسجد ميرا الباريسي أيضاً محمد صلاح حمزة مساجد فرنسا إلى إقامة صلاة الغائب عن أرواح الجنود الثلاثة الجمعة. وتنظم الجاليتان المسلمة واليهودية مسيرة صامتة في باريس الأحد حداداً على أرواح القتلى السبعة، علماً أن رئيس المجلس التمثيلي للمؤسسات اليهودية الفرنسية جيرار براسكييه اجتمع لهذه الغاية مع ممثلين عن الجالية المسلمة، وذلك تنفيذاً لطلب الرئيس ساركوزي. قاتل ب «دم بارد» ولا يزال الغموض يلف هوية القاتل الذي استخدم دراجة نارية سوداء اللون لاغتيال الجنود الثلاثة، ودراجة بيضاء ربما عمل على تغيير لونها في عملية إطلاق النار على المدرسة اليهودية. وتدور تساؤلات حول عمل القاتل منفرداً أو انتمائه إلى جماعة إسلامية أو يمينية متطرفة، وإذا كان مدنياً أم عسكرياً، فيما تحدث شهود عن تعليقه آلة تصوير صغيرة على سترته خلال إطلاقه النار على التلاميذ في تولوز. وأفادت وسائل إعلام بأن «كتيبة المظليين في مونتوبان التي انتمى إليها هؤلاء الجنود الثلاثة شهدت تظاهرات نازية نظمها ثلاثة عسكريين صدرت في حقهم شكوى لرؤسائهم عام 2008 وقف خلفها جندي آخر غادر الجيش حينها». وصرح وزير الداخلية كلود غيان: «أجريت فعلاً تحقيقات حول عسكريين سرحوا من الجيش بسبب آرائهم المؤيدة للنازية، وقد يكون لديهم نية للانتقام. لكن الأمر يبقى فرضية بين فرضيات». واعتبر الوزير أن تصوير القاتل جرائمه يكشف تركيبته النفسية، وكونه شخصاً بارداً جداً، صاحب تصميم كبير، وقادراً على السيطرة على نفسه في شكل كبير في تصرفاته، وشريراً جداً». وكان الرئيس ساركوزي أعلن للمرة الأولى في فرنسا رفع مستوى الإنذار من الخطر الإرهابي إلى مستوى اللون «القرمزي»، أي أعلى مستوى إنذار ضد الإرهاب في المنطقة الكبيرة المحيطة بتولوز. وجرى إرسال محققين وعناصر من نخبة الشرطة مدربين على تنفيذ العمليات الأكثر دقة. أشتون وإسرائيل وبعدما استذكرت وزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي كاثرين أشتون، خلال تعليقها على جريمة تولوز، الأطفال الذين يموتون في مدينة غزة الفلسطينية وسورية، دان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو في بيان «مقارنة مجزرة متعمدة استهدفت أطفالاً، وبين أعمال جراحية دفاعية ينفذها الجيش الإسرائيلي ضد إرهابيين يستخدمون الأطفال دروعاً بشرية». أما وزير الخارجية الإسرائيلي أفيغدور ليبرمان فرأى أن تصريحات أشتون غير ملائمة، ونأمل بأن تسحبها»، فيما وصف وزير الدفاع الإسرائيلي أيهود باراك تصريحات أشتون بأنها «مشينة». ورد مايكل مان الناطق باسم أشتون بنفي مقارنة المسؤولة الأوروبية خلال حديثها عن «أطفال قتلوا في ظروف سيئة مختلفة»، بين اعتداء تولوز والوضع في قطاع غزة، علماً أنها صرحت على هامش اجتماع للشبيبة الفلسطينية في بروكسيل: «حين نفكر في ما حدث في تولوز، ونتذكر ما حصل في النروج قبل سنة، ثم نعلم ما يحصل في سورية وغزة ومناطق أخرى من العالم، نفكر في الشباب والأطفال الذين يقتلون». وأضافت «لهؤلاء الشباب أوجه تقديري»، مشيرة أيضاً إلى الأطفال البلجيكيين الذين قتلوا في «مأساة» حادث الباص في سويسرا الأسبوع الماضي. إجراءات أميركية إلى ذلك، شددت الولاياتالمتحدة تدابير الأمن حول المنشآت اليهودية في مدن عدة، ونقلت محطة «سي إن إن» عن مسؤول في وزارة الأمن القومي رفض كشف هويته قوله إن «الإدارة تنظر في احتمالات شن هجمات على أهداف يهودية في الداخل، لكنه استدرك بأن «لا علم لدينا بتهديدات لمواقع في الداخل». وأضاف المصدر: «ندعو كالعادة الى اليقظة والحذر، وإبلاغ السلطات بأي نشاط مريب». وقال راي كيلي قائد شرطة نيويورك إن «إجراءات الأمن شددت حول المعابد والمنشآت اليهودية في المدينة»، وأعلن نائبه بول براوني أن مكتب مكافحة الإرهاب التابع لشرطة نيويورك سيشكل دوريات خاصة حول نحو 20 منشأة يهودية، مجدداً تأكيد عدم وجود معلومات استخباراتية محددة بتهديدات على مواقع تجمع اليهود، جازماً بأن الخطوة تندرج في سياق «الحذر».